المستقيم : بعض بالقرآن ، أي اتباعه ، وبعض بالإسلام ، فالقولان متفقان لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن ، ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر ، كما أن لفظ صراط يشعر بوصف ثالث.
وكذلك قول من قال : هو السنة والجماعة ، وقول من قال : هو طريق العبودية ، وقول من قال : هو طاعة الله ورسوله ، وأمثال ذلك.
فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها.
الثاني : أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل ، وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود فى عمومه وخصوصه ، مثاله ما نقل فى قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا) الآية ، فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للحرمات ، والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات ، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرّب بالحسنات مع الواجبات. فالمقتصدون أصحاب اليمين ، (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ).
ثم إن كلا منهم يذكر هذا فى نوع من أنواع الطاعات كقول القائل : السابق الذي يصلى فى أول الوقت ، والمقتصد الذي يصلى فى أثنائه ، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار.
أو يقول : السابق المحسن بالصدقة مع الزكاة ، والمقتصد الذي يؤدى الزكاة المفروضة فقط ، والظالم مانع الزكاة.
وهذان الصنفان اللذان ذكرنا هما فى تنوع التفسير تارة لتنوّع الأسماء والصفات ، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى ، وهو الغالب فى تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف.
ومن التنازع الموجود منهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين :
إما لكون مشتركا فى اللغة كلفظ القصورة ، الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد ، ولفظ عسعس الذي يراد به إقبال الليل وإدباره.
وإما لكونه متواطئا فى الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد