قيل الليل والنهار وحقيقة ذلك تكررهما وامتدادهما بدلالة أنهما أضيفا إليهما فى قول الشاعر :
نهار وليل دائم ملواهما |
|
على كل حال المرء يختلفان |
فلو كانا الليل والنهار لما أضيفا إليهما. قال تعالى : (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) أي أمهلهم ، وقوله : (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ) (أَمْلى لَهُمْ) أي أمهل ومن قرأ ملأ لهم فمن قولهم أمليت الكتاب أمليه إملاء ، قال : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) وأصل أمليت أمللت فقلب تخفيفا. (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ) ـ (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ).
(منن) : المن ما يوزن به ، يقال من ومنان وأمنان وربما أبدل من إحدى النونين ألف فقيل منا وأمناء ، ويقال لما يقدر ممنون كما يقال موزون ، والمنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين : أحدهما : أن يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ـ (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) ـ (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ) ـ (يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ) ـ (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى. والثاني : أن يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة ، ولقبح ذلك قبل المنة تهدم الصنيعة ، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة. وقوله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) فالمنة منهم بالقول ومنة الله عليهم بالفعل وهو هدايته إياهم كما ذكر ، وقوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) فالمن إشارة إلى الإطلاق بلا عوض. وقوله : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) أي أنفقه وقوله : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) فقد قيل هو المنة بالقول وذلك أن يمتن به ويستكثره ، وقيل معناه لا تعط مبتغيا به أكثر منه ، وقوله : (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) قيل غير معدود كما قال : (بِغَيْرِ حِسابٍ) وقيل غير مقطوع ولا منقوص. ومنه قيل المنون للمنية ؛ لأنها تنقص العدد وتقطع المدد. وقيل إن المنة التي بالقول هى من هذا لأنها تقطع النعمة وتقتضى قطع الشر ، وأما المن فى قوله : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) فقد قيل المن شىء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر ، والسلوى طائر وقيل المن والسلوى كلاهما إشارة إلى ما أنعم الله به عليهم وهما بالذات شىء واحد ولكن سماه منا بحيث إنه امتن به عليهم ، وسماه