سلوى من حيث إنه كان لهم به التسلي. و «من» عبارة عن الناطقين ولا يعبر به عن غير الناطقين إلا إذا جمع بينهم وبين غيرهم كقولك : رأيت من فى الدار من الناس والبهائم ، أو يكون تفصيلا لجملة يدخل فيهم الناطقون كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي) الآية ولا يعبر به عن غير الناطقين إذا انفرد ولهذا قال بعض المحدثين فى صفة أغنام نفى عنهم الإنسانية : تخطئ إذا جئت فى استفهامها بمن تنبيها أنهم حيوان أو دون الحيوان. ويعبر به عن الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، قال : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ) وفى أخرى : (مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) وقال : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ).
(من) : لابتداء الغاية وللتبعيض وللتبيين ، وتكون لاستغراق الجنس فى النفي والاستفهام نحو قوله : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ) والبدل نحو خذ هذا من ذلك أي بدله : (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ) فمن اقتضى التبعيض فإنه كان نزل فيه بعض ذريته ، وقوله : (مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) قال : تقديره أنه ينزل من السماء جبالا ، فمن الأولى ظرف والثانية فى موضع المفعول والثالثة للتبيين كقولك : عنده جبال من مال. وقيل يحتمل أن يكون قوله من جبال نصبا على الظرف على أنه ينزل منه ، وقوله : (مِنْ بَرَدٍ) نصب أي ينزل من السماء من جبال فيها بردا ، وقيل يصح أن يكون موضع من فى قوله «من برد» رفعا ، و «من جبال» نصبا على أنه مفعول به ، كأنه فى التقدير وينزل من السماء جبالا فيها برد ويكون الجبال على هذا تعظيما وتكثيرا لما نزل من السماء. وقوله : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) قال أبو الحسن : من زائدة ، والصحيح أن تلك ليست بزائدة ؛ لأن بعض ما يمسكن لا يجوز أكله كالدم والغدد وما فيها من القاذورات المنهي عن تناولها.
(منع) : المنع يقال فى ضد العطية ، يقال رجل مانع ومناع أي بخيل ، قال الله تعالى : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) وقال : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) ، ويقال فى الحماية ومنه مكان منيع وقد منع ، وفلان ذو منعة أي عزيز ممتنع على من يرومه ، قال : (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) ـ (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) أي ما حملك وقيل ما الذي صدك وحملك على ترك ذلك؟ يقال امرأة منيعة كناية عن العفيفة وقيل مناع أي امنع كقولهم نزال أي انزل.