٢ ـ وللتواضع فقد اعتبر علم أستاذه كثيراً ، وهو يطلب جانباً من هذا العلم ، فقال : (مِمَّا عُلّمْتَ).
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (٨٤) فَأَتْبَعَ سَبَباً (٨٥) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً (٨٨) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٨٩) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً (٩٠) كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً) (٩١)
قصة ذو القرنين العجيبة : قلنا في بداية حديثنا عن أصحاب الكهف : إنّ مجموعة من قريش قرّرت اختبار الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وقامت هذه المجموعة بالتنسيق مع اليهود واستشارتهم بطرح ثلاث قضايا ونحن الآن بصدد ذكر قصة ذو القرنين» :
إنّ قصة ذو القرنين تدور حول شخصية أثارت اهتمامات الفلاسفة والباحثين منذ القدم. وقد بذلت جهود ومساعي كثيرة للتعرّف على هذه الشخصية.
وسنقوم أوّلاً بتفسير الآيات الست عشرة الخاصّة بذي القرنين ، ثم ننتقل إلى بحوث لمعرفة شخصية ذي القرنين نفسه.
بتعبير آخر : إنّ ما يهمنا أوّلاً هو الحديث عن شخصية ذي القرنين ، وهو ما فعله القرآن ، حيث يقول تعالى : (وَيَسَلُونَكَ عَن ذِى الْقَرْنَيْنِ).
فيكون الجواب على لسان الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآله : (قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا).
إنّ بداية الآية تبيّن لنا أنّ قصة ذو القرنين كانت متداولة ومعروفة بين الناس ، ولكنّها كانت محاطة بالغموض والإبهام ، لهذا السبب طالبوا الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله الإدلاء حولها بالتوضيحات اللازمة.
وفي إستئناف الحديث عن ذي القرنين يقول تعالى : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الْأَرْضِ). أي : منحناه سبل القوّة والقدرة والحكم.