لا نصدر أحكاماً سريعة تجاه الحوادث التي تقع في مجرى حياتنا مما قد لا يعجبنا ، إذ ما أكثر الحوادث التي نكرهها ، ولكن يتّضح بعد مدّة أنّ هذه الحوادث لم تكن سوى نوع من الألطاف الخفية الإلهية ، والقرآن يصرّح بمضمون هذه الحقيقة في الآية (٢١٦) من سورة البقرة قوله تعالى : (عَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَاتَعْلَمُونَ).
و : من دروس القصة الإعتراف بالحقائق واتخاذ المواقف المطابقة لها ، فعندما تخلّف موسى ثلاث مرّات عن الوفاء بالتزامه لصاحبه العالم ، عرف أنّه لا يستطيع الاستمرار معه في الصحبة.
يجب على الإنسان أن لا يستمر إلى آخر عمره في اختبار نفسه ، بحيث تتحوّل حياته إلى مختبر للأمور المستقبلية التي قد لا تحصل أبداً ، اذ عليه عندما يختبر موضوعاً ما عدّة مرّات ، أن يلتزم العمل بنتائج الإختبار وأن يقتنع به.
ز : تأثير إيمان الآباء على الأبناء ؛ لقد تحمل الخضر مسؤولية حماية الأبناء بالمقدار الذي كان يستطيعه ، وذلك بسبب الأب الصالح الملتزم ، بمعنى أنّ الإبن يستطيع أن يسعد في ظل الإيمان وأمانة والتزام الأب ، وإنّ نتيجة العمل الصالح الذي يلتزمه الأب تعود على الإبن أيضاً.
ح : قصر العمر بسبب إيذاء الوالدين ؛ عندما يطال الموت الإبن بسبب ما يلحقه من أذى بوالديه في مستقبل حياته ، وبسبب ما يرهقهما به من أذىً وطغيان وكفر ، قد يحرفهم عن الطريق الإلهي ، كما رأينا ذلك في القصة التي بين أيدينا.
ط : الناس أعداء ما جهلوا ؛ قد يحدث أن يقوم شخص بالإحسان إلينا ، إلّاأنّنا نتصوره عدوّاً لنا ، لأنّنا لا نعرف بواطن الامور ، ونتسرّع ونفقد الصبر ، خصوصاً إزاء الأحداث والامور التي نجهلها ولا نحيط بأسبابها علماً. من الطبيعي أن يفقد الإنسان صبره إزاء ما لا يحيط به علماً من الأحداث والقضايا ، إلّاأنّ الدرس المستفاد من القصة هو أن لا نتسرّع في إصدار الأحكام على مثل هذه القضايا حتى تكتمل لدينا الرؤية التي نحيط من خلالها بجوانب وزوايا الموضوع المختلفة.
ى : أدب التلميذ والأستاذ ؛ ثمّة ملاحظات لطيفة حول أدب التلميذ والأستاذ ظهرت في مقاطع الحديث بين موسى عليهالسلام والرجل الرباني العالم ، فمن ذلك مثلاً :
١ ـ اعتبار موسى عليهالسلام نفسه تابعاً للخضر قوله : (أَتَّبِعُكَ).