الدنيا ، ذكر حال المؤمنين الحقيقيين وجوائزهم الثمينة الغالية التي تنتظرهم جزاء ما فعلوا. لقد أجملت الآية كل ذلك بشكلٍ مختصر ، ثم بشكلٍ تفصيلي نوعاً مّا. ففي البدء قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَانُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً). أي : إنّنا لا نضيع أعمال العاملين قليلة كانت أو كثيرة ، كلية أو جزئية ، ومن أي شخص وفي أي عمرٍ كان : (أُولئِكَ لَهُمْ جَنتُ عَدْنٍ). (الجنات الخالدة).
(تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهرُ). (من تحت الأشجار والقصور).
(يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ) (١).
(وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ). (من حرير ناعم وسميك).
(مُّتَّكِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ) (٢).
(نِعْمَ الثَّوَابُ).
(وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا). (وحسنت مجمعاً للأحبّة).
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً (٣٣) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً) (٣٦)
تجسيد لموقف المستكبرين من المستضعفين : في الآيات السابقة رأينا كيف أنّ عبيد الدنيا كانوا يحاولون الإبتعاد في كل شيء عن رجال الحق وأهله المستضعفين ، ثم عرّفتنا الآيات جزاءهم في الحياة الاخرى. الآيات التي نبحثها تشير إلى حادثة اثنين من الأصدقاء أو الإخوة الذين يعتبر كل واحدٍ منهم نموذجاً لإحدى المجموعتين ، ويوضّحان طريقة تفكير وقول وعمل هاتين المجموعتين. في البداية تخاطب الآيات الرسول صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) «أساور» : جمع «أسورة» على وزن «مشورة» وهي بدورها جمع (سوار) على وزن (غبار) و (كتاب) وهي في الأصل مأخوذة من كلمة فارسية عُرّبت واشتقت منها الأفعال العربية.
(٢) «أرائك» : جمع «أريكة» وتطلق على السرير الذي تكون جوانبه جميعاً مغطاة.