نظره على قطعة نقود ترجع في قدمها إلى (٣٠٠) سنة ، وقد يكون اسم (دقيانوس) الملك الجبار مكتوباً عليها ، وعندما طلب منه توضيحاً قال له بأنّه حصل عليها حديثاً.
وهنا أحسّ الشخص بأنّه وأصحابه كانوا في نوم عميق وطويل.
هذه القضية كان لها صدى كالقنبلة في المدينة ، وقد انتقلت عبر الألسن إلى جميع الأماكن. فقسم منهم لم يكن قادراً على التصديق بأنّ الإنسان يمكن أن يعود للحياة بعد الموت ، إلّاأنّ قصة أصحاب الكهف أصبحت دليلاً قاطعاً لُاولئك الذين يعتقدون بالمعاد الجسماني. ولذا فإنّ القرآن يبيّن أنّنا كما قمنا بإنامتهم نقوم الآن بإيقاظهم حتى ينتبه الناس : (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ). ثم أضاف تعالى : (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَارَيْبَ فِيهَا).
إنّ هذه الإنامة والإيقاظ هي أكثر إثارة للعجب من الموت والحياة في بعض جوانبهما ، فمن جهة قد مرّت عليهم مئات السنين وهم نيام وأجسامهم لم تفن أو تتأثّر ، وقد بقوا طوال هذه المدّة بدون طعام أو شراب ، إذن كيف بقوا أحياءً طيلة هذه المدّة؟
أليس هذا دليلاً قاطعاً على قدرة الله على كل شيء؟ فالحياة بعد الموت ، بعد مشاهدة هذه القضية ممكنة حتماً.
بعض المؤرخين كتب يقول : إنّ الشخص الذي أرسل لتهيئة الطعام وشرائه ، عاد بسرعة إلى الكهف وأخبر رفقاءه بما جرى ، وقد تعجّب كل منهم ، فطلبوا من الخالق جلّ وعلا أن يميتهم ، وينتقلون بذلك إلى جوار رحمته ، وهذا ما حدث.
لقد ماتوا ومضوا إلى رحمة ربّهم ، وبقيت أجسادهم في الكهف عندما وصله الناس.
وهنا حدث النزاع بين أنصار المعاد الجسماني وبين من لم يعتقد به ، فالمعارضون للمعاد كانوا يريدون أن تنسى قضية نوم ويقظة أصحاب الكهف بسرعة ، كي يسلبوا أنصار المعاد الجسماني هذا الدليل القاطع ، لذا فقد اقترح هؤلاء أن تغلق فتحة الغار ، حتى يكون الكهف خافياً إلى الأبد عن أنظار الناس. قال تعالى : (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا).
ولأجل إسكات الناس عن قصّتهم كانوا يقولون : لا تتحدثوا عنهم كثيراً ، إنّ قضيتهم معقّدة ومصيرهم محاط بالألغاز. لذلك فإنّ : (رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ). أي : اتركوهم وشأنهم واتركوا الحديث عن قصّتهم.