«وصيد» : كما يقول الراغب في المفردات ، تعني في الأصل الغرفة أو المخزن الذي يتمّ إيجاده في الجبال لأجل خزن الأموال ، إلّاأنّ المقصود به هنا هو فتحة الغار.
سادساً : قوله تعالى : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا).
(وَكَذلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) (٢٠)
اليقظة بعد نوم طويل : سوف نقرأ في الآيات القادمة أنّ نوم أصحاب الكهف كان طويلاً للغاية بحيث استمر (٣٠٩) سنة ، وعلى هذا الأساس كان نومهم أشبه بالموت ، ويقظتهم أشبه بالبعث ، لذا فإنّ القرآن يقول في الآيات التي نبحثها : (وَكَذلِكَ بَعَثْنهُمْ).
يعني مثلما كنّا قادرين على إنامتهم نوماً طويلاً فإنّنا أيضاً قادرون على إيقاظهم. لقد أيقظناهم من النوم ، (لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ).
(قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ).
وأخيراً ، بسبب عدم معرفتهم لمقدار نومهم ، (قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ).
ولكنّهم كانوا يحسّون بالجوع وبالحاجة الشديدة إلى الطعام ، لأنّ المخزون الحيوي في جسمهم انتهى أو كاد ، لذا فأوّل اقتراح لهم هو إرسال واحد منهم مع نقود ومسكوكات فضّية لشراء الغذاء : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مّنْهُ). ثم أردفوا : (وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا). لماذا هذا التلطّف : (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ). ثم : (وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا).
وتوصيتهم هي توصية لكافة أنصار الحق ، في أن لا يفكروا بطهارة غذائهم المعنوي وحسب ، بل عليهم أيضاً الإهتمام بطهارة طعام الأجسام كي يكون زكيّاً نقيّاً من جميع الأرجاس والشبهات.