طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشّمَالِ).
وعلى هذا الأساس لم يكن ضوء الشمس يصل إلى أجسادهم بشكل مباشر ، وهو أمر لو حصل فقد يؤدّي إلى تلف أجسادهم ، ولكن الأشعة غير المباشرة كانت تدخل الغار بمقدار كاف.
إنّ عبارة (تزاور) التي تعني (التمايل) تؤكّد على هذا المعنى ، وكأنّ الشمس كانت مأمورة بأن تمرّ من اليمين (يمين الغار). وكلمة «تقرض» : التي تعني (القطع) تؤكّد نفس مفهوم السابق.
ثانياً : (وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مّنْهُ).
لقد كان اولئك في مكان واسع من الغار ، وهذا يدل على أنّهم لم يأخذوا مستقرّهم في فتحة الغار التي تتسم بالضيق عادة ، بل إنّهم انتخبوا وسط الغار مستقراً لهم كي يكونوا بعيدين عن الأنظار ، وبعيدين أيضاً عن الأشعة المباشرة لضوء الشمس.
وهنا يقطع القرآن تسلسل الكلام ويستنتج نتيجة معنوية ، حيث يبيّن أنّ الهدف من ذكر هذه القصة هو لتحقيق هذا الغرض : (ذلِكَ مِنْءَايتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا).
نعم ، إنّ الذين يضعون أقدامهم في طريق الله ، ويجاهدون لأجله فإنّ الله سيشملهم بلطفه في كل خطوة وليس في بداية العمل فقط. إنّ الله يرعى هؤلاء حتى في أدق التفاصيل.
ثالثاً : إنّ نوم أصحاب الكهف لم يكن نوماً عادياً : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ).
هذه الحالة الاستثنائية لكي لا تقترب منهم الحيوانات المؤذية التي تخاف الإنسان اليقظ ، أو لكي يكون شكلهم مرعباً كي لا يتجرأ إنسان على الإقتراب منهم ، وهذا بنفسه اسلوب للحفاظ عليهم.
رابعاً : وحتى لا تتهرأ أجسامهم بسبب السنين الطويلة التي مكثوا فيها نياماً في الكهف ، فإنّ الله تبارك وتعالى يقول : (وَنُقَلّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشّمَالِ).
حتى لا يتركز الدم في مكان معين ، ولا تكون هناك آثار سيئة على العضلات الملاصقة للأرض بسبب الضغط عليها لمدة طويلة.
خامساً : في وصفٍ جديد يقول تعالى : (وَكَلْبُهُم بسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ).