(ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) وَهذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ) (١٥٧)
في الآيات السابقة دار الحديث عن عشرة من أحكام الإسلام الأساسية التي لم تكن مختصّة بالإسلام ، بل هي موجودة ومقررة في جميع الأديان ، ثم قال عقيب ذلك في هذه الآيات : (ثُمَّءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِى أَحْسَنَ). فقد أتممنا نعمتنا على المحسنين والذين سلّموا لأمره واتّبعوه.
إنّ عبارة : (الَّذِى أَحْسَنَ) إشارة إلى جميع المحسنين ، والذين يستجيبون للحق ، ويقبلون بالأوامر الإلهية.
(وَتَفْصِيلاً لِّكُلّ شَىْءٍ) فإنّ فيه كل شيء مما يحتاج إليه المجتمع ، ومما له أثر في تكامل الإنسان وترشيده.
(وَهُدًى وَرَحْمَةً). أي أنّ في هذا الكتاب الذي نزل على موسى مضافاً إلى ما سبق : هدى ورحمة.
إنّ جميع هذه البرامج ما هي إلّالكي يؤمنوا بيوم القيامة ، وبلقاء الله ، ولكي يُطهّروا عن طريق الإيمان بالمعاد أفكارهم ، وأقوالهم ، وأعمالهم ويزكّوها : (لَعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبّهِمْ يُؤْمِنُونَ).
الآية اللاحقة تشير إلى نزول القرآن وتعليماته القيّمة ، وبذلك أكملت البحث المطروح في الآية السابقة ، يقول تعالى : (وَهذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ) فهذا الكتاب الذي أنزلناه كتاب عظيم الفائدة ، عظيم البركة ، وهو المنبع لكل أنواع الخير والبركة.
ولمّا كان الأمر كذلك وَجَبَ اتّباعه بصورة كاملة ، ووجب التزوّد بالتقوى ، والتجنّب