تعبيراً ساذجاً ، بل هو من أنباء الغيب التي تعلّمها من الله ، فلا مجال للترديد والكلام بعد هذا.
وحين أحسّ يوسف أنّ السجينين سينفصلان عنه عاجلاً ، ومن أجل أن يجد يوماً يُطلق فيه ويُبرأ من هذه التهمة ، أوصى أحد السجينين الذي كان يعلم أنّه سيطلق أن يذكره عند الملك (وَقَالَ لِلَّذِى ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِى عِندَ رَبّكَ) لكن هذا الغلام «الناسي» مثله مثل الأفراد قليلي الإستيعاب ، ما إن يبلغوا نعمةً ما حتى ينسوا صاحبها ، وهكذا نسي يوسف تماماً ، ولكن القرآن عبّر عن ذلك بقوله : (فَأَنسهُ الشَّيْطنُ ذِكْرَ رَبّهِ) وهكذا أصبح يوسف منسيّاً (فَلَبِثَ فِى السّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ).
أمّا عدد السنوات التي قضاها يوسف في السجن ، فهناك أقوال بين المفسرين ، والمشهور أنّها سبع سنوات ، إلّاأنّ بعضهم قال : إنّ يوسف بقي في السجن إثنتي عشرة سنة ، خمس قبل رؤيا صاحبي سجنه ، وسبع بعدها ، وكانت سنوات ملأى بالتعب والنَصب إلّاأنّها من جهة الإرشاد كانت سنوات مفعمة بالبركة والخير.
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (٤٤) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (٤٦) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (٤٩)
رؤيا ملك مصر وما جرى له : بقي يوسف سنين في السجن المظلم كأي إنسان منسيّ ، ولم يكن لديه من عمل إلّابناء شخصيته ، وإرشاد السجناء وعيادة مرضاهم وتسلية الموجَعين