(يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَنْ تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (٤١) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)(٤٢)
السجن أو مركز التربية : حين هيّأ يوسف في البحث السابق قلوب السجينين لقبول حقيقة التوحيد ، توجّه إليهما وقال : (يَا صَاحِبَىِ السّجْنِءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ القَهَّارُ).
فكأنّ يوسف يريد أن يفهم السجينين أنّه لِم تريان الحرية في النوم ولا تريانها في اليقظة؟ فلِم لا تجتمعون تحت راية التوحيد ، وتعتصموا بحبل الواحد القهار ، لتطردوا من مجتمعكم هؤلاء الظالمين والجبابرة الذين يسوقونكم إلى السجن أبرياء دون ذنب؟!
ثم يضيف قائلاً : (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَءَابَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطنٍ) بل هي صنع عقولكم العاجزة وأفكاركم المنحرفة ... (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فلا ينبغي أن تطأطئوا رؤوسكم لسواه من الطغاة والفراعنة ، ثمّ أضاف زيادة في التأكيد قائلاً : (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ).
أي إنّ التوحيد في جميع أبعاده ـ في العبادة ، في الحكومة ، في المجتمع ، في المسائل الثقافية ، وفي كل شيء ـ هو الدين الإلهي المستقيم والثابت. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ) ولذلك خضعوا لحكومة غير (الله) فذاقوا الشقاء والسجون في هذا السبيل.
ثم التفت إليهما وقال : (يَا صَاحِبَىِ السّجْن أَمَّا أَحَدُ كُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْأَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ).
ثم أضاف مؤكداً : (قُضِىَ الْأَمْرُ الَّذِى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ). وهو إشارة إلى أنّ هذا التعبير ليس