هو من كان في القافلة.
وباعوا يوسف بثمن قليل ، أو كما عبّر عنه القرآن : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ).
ولكن هذا أمر مألوف فإنّ السُراق أو اولئك الذين تأتيهم بضاعة مهمة دون أي تعب ونصب يبيعونها سريعاً لئلا يطلع الآخرون.
ومن الطبيعي أنّهم لا يستطيعون بهذه الفورية أن يبيعوه بسعر غال.
«البخس» : في الأصل معناه تقليل قيمة الشيء ظلماً.
وتقول الآية في نهايتها : (وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).
وهذا البيع البخس إمّا لأنّ أهل القافلة اشتروا يوسف بثمن بخس ، أو إنّهم كانوا يخافون أن يفتضح سرّهم ويجدون من يدّعيه.
(وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢١) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٢٢)
في قصر عزيز مصر : انتهت حكاية يوسف مع إخوته الذين ألقوه في غيابة الجبّ وبيناها تفصيلاً ، بدأ فصل جديد من حياة هذا الغلام الحدث في مصر ... فقد جيء بيوسف إلى مصر وعرض للبيع ، ولما كان تحفة نفيسة فقد صار من نصيب «عزيز مصر» الذي كان وزيراً لفرعون أو رئيساً لوزرائه. يقول القرآن الكريم في شأن يوسف : (وَقَالَ الَّذِى اشْتَرَيْهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَيهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) (١). فلا ينبغي أن تنظري إليه كما ينظرإلى العبيد.
يستفاد من سياق الآية أنّ عزيز مصر لم يرزق ولداً وكان في غاية الشوق للولد ، وحين وقعت عيناه على هذا الصبي الجميل والسعيد تعلّق قلبه به ليكون مكان ولده.
ثم يضيف القرآن الكريم : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الْأَرْضِ).
__________________
(١) «المثوى» : من مادة (ثوى) ومعناه المقام ، ولكن معناه هنا الموقعية والمنزلة والمقام كذلك.