ونقرأ في الحديث عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله عن الرؤيا قوله : «الرؤيا ثلاثة : بُشرى من الله ، وتحزين من الشيطان ، والذي يحدّث به الإنسان نفسه فيراه في منامه» (١).
وواضح أنّ أحلام الشيطان ليست شيئاً حتى يكون لها تعبير ، ولكن ما يكون من الله في الرؤيا فهي تحمل بشارة حتماً ... ويجب أن تكون رؤيا تكشف الستار عن المستقبل المشرق.
من الدروس التي نستلهمها من هذا القسم من الآيات أن نحفظ الأسرار ، وينبغي أن يُطبق هذا الدرس أحياناً حتى أمام الإخوة ، فدائماً تقع في حياة الإنسان أسرار لو أذيعت وفشت بات مستقبله أو مستقبل مجتمعه معرضاً للخطر ، والمواظبة على حفظ هذه الأسرار دليل على سعة الروح وتملك الإرادة.
وورد حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام يقول : «سرّك من دمك فلا يجرينّ من غير أوداجك» (٢).
(لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ (٩) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ) (١٠)
المؤامرة : من هنا تبدأ قصة مواجهة إخوة يوسف واشتباكهم معه : ففي الآية الاولى ـ من الآيات محل البحث ـ إشارة إلى الدروس التربوية الكثيرة التي توحيها القصة ، إذ تقول الآية : (لَّقَدْ كَانَ فِى يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِءَايَاتٌ لّلسَّائِلِينَ).
وأيّ درس أعظم من أن يجتمع عدّة أفراد لإهلاك فرد ضعيف ووحيد ـ في الظاهر ـ وبخطط أعدّها الحسدُ ، ويبذلون أقصى جهودهم لهذا الأمر ، ولكن نفس هذا العمل ـ ودون شعور وإرادة منهم ـ بات سبباً في تربّعه على سرير الملك وصيرورته آمراً على البلد الكبير «مصر» ثم يأتي إخوته في النهاية ليطأطئوا برؤوسهم إعظاماً له ، وهذا يدلّ على أنّ الله إذا
__________________
(١) بحار الأنوار ٥٨ / ١٩١.
(٢) بحار الأنوار ٧٢ / ٧١.