وفي الآية الأخيرة التي تنتهي بها قصة «هود» وقومه «عاد» بيان لنتيجة أعمالهم السيئة والباطلة حيث تقول الآية : (وَأُتْبِعُوا فِى هذِهِ الدُّنْيَالَعْنَةً) وبعدالموت لايبقى إلّاخزيهم والصيت السيء (وَيَوْمَ الْقِيمَةِ) يقال لهم : (أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ).
وكان يكفي تعريف هذه الجماعة بلفظ «عاد» ولكن بعد ذكر عاد جاء لفظ «قوم هود» أيضاً لتؤكّد عليهم أوّلاً ، ولتشير إلى أنّهم القوم الذين آذوا نبيّهم الناصح لهم ثانياً ، ولذلك فقد أبعدهم الله عن رحمته.
(وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (٦١)
قصة ثمود : انتهت قصة عاد ، قوم هود ، بجميع دروسها بشكل مضغوط ، وجاء الدور الآن لثمود «قوم صالح» وهم الذين عاشوا في وادي القرى بين المدينة والشام ، حسب ما تنقله التواريخ عنهم.
ونرى هنا أيضاً أنّ القرآن حين يتحدث عن نبيّهم «صالح» يذكره على أنّه أخوهم ، وأيّ تعبير أروع وأجمل منه حيث بيّنا قسماً من محتواه في الآيات المتقدمة ، أخ محترق القلب ودود مشفق ليس له هدف إلّاالخير لجماعته (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صلِحًا).
ونجد أيضاً أنّ منهج الأنبياء جميعاً يبدأ بمنهج التوحيد ونفي أي نوع من أنواع الشرك وعبادة الأوثان التي هي أساس جميع المتاعب (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُم مِّنْ إِلهٍ غَيْرُهُ).
ولكي يحرك إحساسهم بمعرفة الحق أشار إلى عدد من نعم الله المهمة التي استوعبت جميع وجودهم فقال : (هُوَ أَنْشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ).
ثمّ يُذكّر هؤلاء المعاندين بعد أن أشار إلى نعمة الخلقة بنعم اخرى موجودة في الأرض حيث قال : (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).
الطريف هنا أنّ القرآن لم يقل : إنّ الله عمر الأرض وجعلها تحت تصرفكم ، وإنّما قال : وفوّض إليكم إعمار الأرض (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) وهي إشارة إلى أنّ الوسائل معدّة فيها لكل شيء وعليكم إعمارها بالعمل والسعي المتواصل والسيطرة على مصادر الخيرات فيها. وبدون ذلك لا حظّ لكم في الحياة الكريمة.
فإذا كان الأمر كذلك : (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) لدعواتكم.