إنّ آيات القرآن والأحاديث الإسلامية تحذر هذا النمط من الناس ألّا يمدّوا أيديهم وأرجلهم عبثاً ، بل يكفي أن يسعوا لتحصيل الرزق عن طريق مشروع ، والله سبحانه يضمن لهم الرزق.
وبالطبع أنّ بعض الأرزاق مثل نور الشمس والمطر والعقل والفكر والاستعداد تصل إلى الإنسان سعى لها أم لم يسع.
ولكن هذه المواهب إذا لم نحافظ عليها بالجد والسعي بطريقة صحيحة فستضيع من أيدينا ، أو أنّها ستبقى بلا أثر!
إنّ النقطة الأساسية هنا أنّ جميع التعاليم الإسلامية تأمرنا أن نسعى أكثر فأكثر لتأمين نواحي الحياة المادية والمعنوية ، وأنّ الفرار من العمل ـ بزعم أنّ الرزق مقسوم وأنّه آت لا محالة ـ غير صحيح ...
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧)
الهدف من الخلق : في هذه الآية بُحثت ثلاث نقاط أساسية :
المطلب الأوّل : يبحث عن خلق عالم الوجود ـ وخصوصاً بداية الخلق ـ الذي يدل على قدرة الله وعظمته سبحانه (وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ).
إنّ المقصود من كلمة «اليوم» هو الزمان ، سواء كان قصيراً أو مديداً جدّاً بحيث يبلغ مليارات السنوات مثلاً ، وقد نبّهنا على هذا المعنى في ذيل الآية (٥٤) من سورة الأعراف بشرح وافٍ في هذا المجال ، فلا حاجة للتكرار والإعادة.
ثم يضيف سبحانه أنّ عرشه كان على الماء (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ).
«العرش» : في الأصل يعني السقف أو ما يكون له سقف ، كما يطلق على الأسرّة العالية كأسرّة الملوك والسلاطين الماضين ، ويطلق أيضاً على خشب بعض الأشجار ، وغير ذلك.
ولكن هذه الكلمة استعملت بمعنى القدرة أيضاً ويقال «استوى فلان على عرشه» كناية عن بلوغه القدرة كما يقال «ثُلّ عرش فلان» كنايةً عن ذهاب قدرته. كما ينبغي الإلتفات إلى هذه الدقيقة ، وهي أنّ العرش يطلق أحياناً على عالم الوجود ، لأنّ عرش قدرة الله يستوعب جميع هذا العالم.