بسيطة معروفة للجميع مثل الألف واللام والراء مع ما فيه من عظمة وإعجاز بالغين ، ثم يبيّن بعد هذه الحروف المقطعة واحدة من خصائص القرآن الكريم في جملتين.
أوّلاً : إنّ جميع آياته متقنة ومحكمة (كِتَابٌ أُحْكِمَتْءَايَاتُهُ).
وثانياً : إنّ تفصيل حاجات الإنسان في حياته الفردية والاجتماعية ـ مادية كانت أو معنوية ـ مبيّن فيها أيضاً (ثُمَّ فُصّلَتْ).
هذا الكتاب العظيم مع هذه الخصيصة ، من أين انزل ، وكيف؟! انزل من عند ربّ حكيم وخبير (مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ). فبمقتضى حكمته احكمت آيات القرآن ، وبمقتضى أنّه خبير مطلع بيّن آيات القرآن في مجالات مختلفة طبقاً لحاجات الإنسان.
إنّ كل واحدة من صفات القرآن التي جاءت في هذه الآية تسترفد من واحدة من صفات الله ... فاستحكام القرآن من حكمته ، وشرحه وتفصيله من خبرته.
إنّ القرآن مجموعة واحدة مترابطة كالبنيان المرصوص الثابت ، كما تدل على أنّه نازل من إله فرد ، ولهذا فلا يوجد أي تضاد في آياته ، ولا يُرى بينها أي اختلاف.
وفي الآية التالية يبيّن أهم مايحتويه القرآن وما هو أساسه وهو التوحيد والوقوف بوجه الشرك (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ).
والثاني من محتويات الدعوة السماوية : (إِنَّنِى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ). نذير لكم من الظلم والفساد والشرك والكفر ، واحذركم من عنادكم وعقاب الله لكم!
وثالث ما في منهج دعوتي إليكم هو أن تستغفروا من ذنوبكم وتطهروا أنفسكم من الأدران : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ).
ورابعها هو أن تعودوا إلى الله بالتوبة ، وأن تتصفوا ـ بعد غسل الذنوب والتطهر في ظل الاستغفار ـ بصفات الله ، فإنّ العودة إليه تعالى لا تعني إلّاالإقتباس من صفاته (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ).
ثم تبيّن الآيات النتائج العملية لموافقة هذه الأصول الأربعة أو مخالفتها بالنحو التالي (يُمَتّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى). فاذا عملنا بهذه الاصول فإنّ الله سبحانه يهبنا حياة سعيدة إلى نهاية العمر ، وفوق كل ذلك فإنّ كُلاً يُعطى بمقدار عمله ولا يهمل التفاوت والتفاضل بين الناس في كيفية العمل بهذه الأصول ... (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِى فَضْلٍ فَضْلَهُ). وأمّا في صورة المخالفة والعناد فتقول الآية : (وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ). حين تمثلون للوقوف في محكمة العدل الإلهي.