[١١٦] (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦))
(وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) أي : أوجد موجودا مستقلا بذاته مخصوصا دونه (سُبْحانَهُ) ننزّهه عن أن يكون غيره شيء فضلا عما يجانسه (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : له عالم الأرواح والأجساد وهي باطنه وظاهره ، كما تقول : له الذات والوجه والصفات وأمثال ذلك. (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) موجودون بوجوده ، فاعلون بفعله ، معدومون بذواتهم ، وهو غاية الطاعة والقيام بحقه إذ هو الوجود المطلق ، فلا يوجد بدونه شيء. والوجودات المعينة صفاته وأسماؤه لامتيازها بتعيّناتها التي هي أمور إمكانية عدمية ليست عينه بالاعتبار العقليّ الذي يقسمها إلى الوجود والماهية التي هي بدون الوجود ليست شيئا في الخارج ، لكن في العقل. والعقليات باطنه ، فهي في الحقيقة ليست غيره فلا يكون غيره موجودا حتى يكون ولدا ، أي : معلولا أو مخلوقا أو ما شئت فسمه.
[١١٧] (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧))
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : مبدع سماواته وأرضه غير مسبوقة بمادّة ومدة ، بل هي ظلال ذاته ومنشأ عالميته منورة باسمه النورانيّ ، موجودة بوجوده الخارجيّ ولو لم يكن جهات الإمكان واعتبارات العقل بحسب اليقينيات لما اعتبرت وجوداتها أصلا إذ هي بلا هو غير شيء فلا تكون معه موجودة بالمقارنة بل بالتحقيق بوجوده ، ولا تكون غيره بالمفارقة بل بالاعتبار العقلي. فهي باعتبار تعيناتها خلق ، وباعتبار حقيقتها حق.
(وَإِذا قَضى أَمْراً) أي حكم به (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي : فلا يكون إلا تعلق إرادته به فيوجد بلا تخلل زمان ولا توسط شيء ، بل معا. وذلك التعلق هو قوله وإلا لم يكن ثمّ قول ولا صوت.
[١١٨ ـ ١٢٣] (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣))