[١٠٠ ـ ١٠٨] (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (١٠٠) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (١٠٢) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (١٠٤) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (١٠٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨))
(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ) أي : يوم القيامة الصغرى يتعذب المحجوبون عن الحق بأنواع العذاب والنيران كما ذكر في سورة (الأنعام) أو في ذلك الشهود ، أي : ظهر لصاحب القيامة الكبرى تعذبهم في نار جهنم (كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) أي :محجوبة عن آياتي وتجلّيات صفاتي الموجبة لذكري (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) أي : تحولا لبلوغهم الكمال الذي يقتضيه استعدادهم ، فلا شوق لهم إلى ما وراءه وإن وجد كمال وراء ذلك لعدم إدراكهم له فلا ذوق ولا شوق ، وكونهم في مقابلة المشركين المحجوبين عن الحق بالغير. وكون جنّاتهم جنّات الفردوس يدلان على أن المراد بهم هم الموحدون الكاملون الاستعداد الذين لا كمال فوق كمالهم ، فلا يبقى شيء وراء مرتبتهم ، يريدون التحوّل إليه.
[١٠٩] (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩))
(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ) أي : بحر الهيولى القابلة للصور الممدّة لها في الظهور (مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) من المعاني والحقائق والأعيان والأرواح (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) لكونها غير متناهية وامتناع وفاء المتناهي بغير المتناهي ، والله أعلم.
(تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني أوّله سورة مريم)