[٨٨] (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً (٨٨))
(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ) بالعلم والمعرفة كالعاقلتين والفكر والحواس الظاهرة (وَعَمِلَ صالِحاً) بالسعي في اكتساب الفضائل والانقياد والطاعة (فَلَهُ جَزاءً) المثوبة (الْحُسْنى) من جنة الصفات وتجليات أنوارها وأنهار علومها (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) أي : قولا ذا يسر بحصول الملكات الفاضلة.
[٨٩] (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٨٩) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (٩٠) كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً (٩١))
(ثُمَّ أَتْبَعَ) طريقا هي طريق الترقي والسلوك إلى الله بالتجرّد والتزكي (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) أي : مطلع شمس الروح (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ) هم العاقلتان والفكر والحدس والقوة القدسية (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) أي : حجابا لتنوّرهم بنورها وإدراكهم المعاني الكلية (كَذلِكَ) أي : أمره كما وصفنا (وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ) من العلوم والمعارف والكمالات والفضائل (خُبْراً) أي : علما ، ومعناه : لم يحط به غيرنا لكونه الحضرة الجامعة للعالمين فليس في الوجود من يقف على معلوماته إلا الله ولأمر ما سمي عرش الله.
[٩٢ ، ٩٣] (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٩٢) حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (٩٣))
(ثُمَّ أَتْبَعَ) طريقا بالسير في الله (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) أي : الكونين ، وذلك مرتبته ومقامه الأصلي بين صدفي جبلي الإله والسير في المشرق والمغرب سفرة تنزلا وترقيا (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً) هم القوى الطبيعية البدنية والحواس الظاهرة (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) لكونها غير مدركة للمعاني ولا ناطقة بها.
[٩٤] (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤))
(قالُوا) بلسان الحال (إِنَّ يَأْجُوجَ) الدواعي والهواجس الوهمية (وَمَأْجُوجَ) الوساوس والنوازع الخيالية (مُفْسِدُونَ) في أرض البدن بالتحريض على الرذائل والشهوات المنافية للنظام والحث على الأعمال الموجبة للخلل فيه وخراب القوانين الخيرية والقواعد الحكمية وإحداث النوائب والفتن والأهواء والبدع المنافية للعدالة المقتضية لفساد الزرع والنسل (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) بإمدادك بكمالاتنا وصور مدركاتنا (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) لا يتجاوزونه وحاجزا لا يعلونه ، وذلك هو الحد الشرعي والحجاب القلبي من الحكمة العملية.
[٩٥] (قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (٩٥))