أو غسالاتهم القذرة أو من جنس الغصص والهموم المحرقة.
[٣٠ ، ٣١] (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالتوحيد الذاتي لكونهم في مقابلة المشركين (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) من الأعمال المقصودة لذاتها في مقام الاستقامة (إِنَّا لا نُضِيعُ) أجرهم ، وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أن الأجر إنما يستحق بالعمل دون العلم ، إذ به يستحق ارتفاع الدرجة والرتبة (جَنَّاتُ عَدْنٍ) من الجنان الثلاث (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) أي : يزينون فيها بأنواع الحليّ من حقائق التوحيد الذاتي ومعاني التجليات العينية الأحدية ، إذ الذهبيات من الحليّ هي العينيات والفضيات هي الصفاتيات النورانيات كقوله : (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) (١). (وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً) يتّصفون بصفات بهيجة ، حسنة ، نضرة ، موجبة للسرور (مِنْ سُنْدُسٍ) الأحوال والمواهب لكونها ألطف (وَإِسْتَبْرَقٍ) الأخلاق والمكاسب لكونها أكثف (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى) أرائك الأسماء الإلهية التي هي مبادئ أفعاله لاتصافهم بأوصافه وكون الصفة مع الذات هي الاسم المستند هو عليه في جنة الصفات والأفعال (نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) في مقابلة : (بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً).
[٣٢ ـ ٤٧] (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (٣٨) وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣) هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (٤٦) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧))
(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) أي : نذهب جبال الأعضاء بالتفتيت فنجعلها هباء منثورا (وَتَرَى) أرض البدن (بارِزَةً) ظاهرة مستوية ، مسطحة بسيطة ، كما كانت ، لا صورة عليها ولا
__________________
(١) سورة الإنسان ، الآية : ٢١.