[٤٧] (قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧))
(قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) تعجب النفس من حملها وولادتها من غير أن يمسها بشر ، أي من غير تربية شيخ وتعليم معلم بشري ، وهو معنى بكارتها (قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) أي : يصطفي من شاء بالجذب والكشف ويهب له مقام القلب من غير تربية وتعليم كما هو حال المحبوبين وبعض المحبين.
[٤٨ ـ ٥١] (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١))
(وَيُعَلِّمُهُ) بالتعليم الربانيّ ، كتاب العلوم المعقولة ، وحكم الشرائع ، ومعارف الكتب الإلهية من التوراة والإنجيل ، أي معارف الظاهر والباطن (وَرَسُولاً) إلى المستعدّين الروحانيين من أسباط يعقوب الروح (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) تدلّ على أني آتيكم من عنده (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ) بالتربية والتزكية والحكمة العملية من طين نفوس المستعدّين الناقصين (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) الطائر إلى جناب القدس من شدّة الشوق (فَأَنْفُخُ فِيهِ) من نفث العلم الإلهيّ ونفس الحياة الحقيقية بتأثير الصحبة والتربية (فَيَكُونُ طَيْراً) أي : نفسا حيّة طائرة بجناح الشوق والهمة إلى جناب الحقّ (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ) المحجوب عن نور الحق الذي لم تنفتح عين بصيرته قط ولم تبصر شمس وجه الحق ولا نوره ولا يعرف أهله بكحل نور الهداية (وَالْأَبْرَصَ) المعيوب نفسه بمرض الرذائل والعقائد الفاسدة ومحبّة الدنيا ولوث الشهوات بطب النفوس (وَأُحْيِ) موتى الجهل بحياة العلم (بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ) تتناولون من مباشرة الشهوات واللذّات (وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) أي : في بيوت غيوبكم من الدواعي والنيّات (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) أي : من توراة علم الظاهر (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) من أنوار الباطن (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) بدليل (مِنْ رَبِّكُمْ) هو التوحيد الذي لم يخالفني فيه نبيّ قط (فَاتَّقُوا اللهَ) في مخالفتي ، فإني على الحق (وَأَطِيعُونِ) في دعوتكم إلى التوحيد.
[٥٢ ـ ٥٣] (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣))