لكم الأرض كفاتا لكم ، تدفنون فيها ، أمواتكم وتبثون عليها أحياءكم ، وتسكنون عليها فقد كفت الموتى والأحياء ، فقال : (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ) «وهي (١)» جبال راسخة فى الأرض أوتادا ، ثم قال : (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) ـ ٢٧ ـ يقول ماء حلوا (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ـ ٢٨ ـ بالبعث وقد علموا أن الله ـ تعالى ـ قد خلق هذه الأشياء كلها ، قوله : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ـ ٢٩ ـ فى الدنيا أنه غير كائن وهي النار وذلك أنه إذا انطلق أهل النار وهي تهمهم ، زفرت جهنم زفرة واحدة فيخرج عنق فيحيط بأهلها ، ثم تزفر زفرة أخرى فيخرج عنق لها من نار وتحيط بهم ، ثم تزفر الثالثة فيخرج عنق فيحيط بالآخرين فتصير حولهم سرادق من نار فيخرج دخان من جهنم فيقوم فوقهم ، فيظن أهلها أنه ظل وأنه سينفعهم من «هذه (٢)» النار ، فينطلقون كلهم بأجمعهم فيستظلون تحتها ، فيجدونها أشد حرا من السرادق ، فذلك قوله : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) وهو شعب بجهنم ، أنهم كذبوا الرسل فى الدنيا بأن العذاب فى الآخرة ليس بكائن ، فتقول لهم الملائكة الخزان «انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون» (٣) ، (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي) [٢٢٤ أ] (ثَلاثِ شُعَبٍ) ـ ٣٠ ـ لأنها تنقطع ثلاث قطع ، قوله : (لا ظَلِيلٍ) يقول لا بارد (وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) ـ ٣١ ـ يقول من ذلك السرادق الذي قد أحاط حولهم ، ثم ذكر ذلك الظل فقال : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) ـ ٣٢ ـ وهو أصول الشجر يكون فى البرية ، فإذا جاء الشتاء قطعت
__________________
(١) فى أ : «وهو».
(٢) فى أ : «ذلك».
(٣) سورة المرسلات : ٢٩.
تفسير مقال بن سليمان ج ٤ ـ م ٣٥.