ويدلّ عليه فيستخرجه الجنّ فنظر فلم يره (فَقالَ) ـ ظانّا أنّه حاضر ولم يره لساتر ـ : (ما لِيَ) وفتح «ابن كثير» و «عاصم» و «الكسائي» و «هشام» «الياء» (١) (لا أَرَى الْهُدْهُدَ) ثم لاح له انّه غائب فقال : (أَمْ) بل أ(كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) فلم أره لغيبته ، ثم أوعده عليها فقال :
[٢١] ـ (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) بنتف ريشه وتشميسه ، أو حبسه مع ضدّه. (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي) مشدّدا ، وقرأ «ابن كثير» بنونين والتّشديد (٢) (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) ببرهان يبيّن عذره ، والمقسم عليه احد الأوّلين ما لم يأت بعذر ، ومقتضاه وقوع أحد ثلاثة امور ، هما والإتيان بعذر ، فلذلك عطفه عليهما وان لم يكن فعله.
[٢٢] ـ (فَمَكَثَ) (٣) بالضّمّ ، وفتح «عاصم» (٤) (غَيْرَ بَعِيدٍ) زمانا يسيرا وحضر متواضعا له بإرخاء ذنبه وجناحيه وأتى بعذره (فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ).
قيل : هذا يبطل وجوب كون الإمام أعلم أهل زمانه (٥) وفيه : انّ المراد كونه أعلمهم فيما يحتاجون إليه من امر الدّين والدّنيا لا فيما يطّلعون عليه ممّا لم يتعلّق بذلك كحال أهل سبأ ، وإلّا لزم وجود من هو أعلم من مدينة العلم «محمّد» صلىاللهعليهوآلهوسلم (٦) إذ كثيرا ما يخبره رسله وعيونه بحال قوم غيّب أو بلد ناء ونحوه ممّا يطّلع عليه ، ولا يخلّ ذلك بكونه أعلم البشر (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ) منوّنا اسم للحىّ أو
__________________
(١) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١٧٠.
(٢) حجة القراآت : ٥٢٤.
(٣) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «فمكث» ـ بفتح الكاف.
(٤) حجة القراآت : ٥٢٥.
(٥) قاله قتادة كما في تفسير مجمع البيان ٤ : ٥٣٨ الا انّ فيه : (الأنبياء) بدل : (الإمام).
(٦) اقتباس من قوله (ص) : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ... وللحديث مصادر شتى. ينظر كتاب العمدة لابن البطريق الفصل الخامس والثلاثون.