[٨] ـ (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ) أي (بُورِكَ) بارك الله ، يتعدّى بنفسه وبالحرف (مَنْ فِي النَّارِ) من في مكانها وهو البقعة المباركة يعني الملائكة أو الشّجرة أو النّور المتقدّم بها (وَمَنْ حَوْلَها) أي موسى أو الملائكة.
والظّاهر عمومه في كلّ من في تلك البقعة وحواليها من أرض الشّام الّتي بارك الله فيها (وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ممّا نودي به ، تنزيه له تعالى عن التّشبيه أو التّعجيب لموسى من عظمة ما قضي له.
[٩] ـ (يا مُوسى إِنَّهُ) «الهاء» للشّأن ويفسّره جملة : (أَنَا اللهُ) أو لمكلّمك و «أنا» خبره «والله» بيان له (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) نعتان ملوّحان ، لما أراد إظهاره أي أنا القادر على الخوارق كقلب العصا حيّة ، الفاعل بمقتضى الحكمة.
[١٠] ـ (وَأَلْقِ عَصاكَ) عطف على «بورك» فألقاها (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) تتحرّك (كَأَنَّها جَانٌ) حيّة خفيفة (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) ولم يرجع ، رعب منها للطّبع البشريّ فقال تعالى : (يا مُوسى لا تَخَفْ) منها ، أو مطلقا بدليل : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) لعصمتهم عمّا يوجب عقوبة يخافونها ، وان كانوا أخوف الناس هيبة لعظمته تعالى (١).
[١١] ـ (إِلَّا) لكن (مَنْ ظَلَمَ) نفسه من غيرهم بذنب ، أو منهم بترك الاولى وعلى هذا يجوز جعله متّصلا (ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ) توبة بعد ذنب أو ترك اولى ، وسمّى سوءا كما سمّى ظلما (فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) أقبل توبته وأثيبه فإنّه لا يخاف أيضا.
[١٢] ـ (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) طرف مدرعتك (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) ذات شعاع (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) برص ، آيتان (فِي تِسْعِ آياتٍ) أي معها وهي الفلق (٢) والطّوفان
__________________
(١) في تفسير البيضاوي ٣ : ٢٦٦ : فإنهم أخوف الناس اي من الله تعالى.
(٢) اي انشقاق البحر.