(أَوْ نَلْعَنَهُمْ) نخزيهم بالمسخ ، والضمير لأصحاب الوجوه ، أو ل «الذين» على الالتفات (كَما لَعَنَّا) أخزينا (أَصْحابَ السَّبْتِ) وهذا وعيد مشروط بعدم إيمانهم ، فلما آمن بعضهم رفع.
أو : يقع في الآخرة ، أو : منتظر يقع قبل يوم القيامة ، أو أريد باللعن متعارفة ، وقد لعنوا بكلّ لسان (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) بكون شيء أو وعيده أو قضاؤه (مَفْعُولاً) كائنا فلا بد أن يقع ما أوعدوا به إن لم يؤمنوا.
[٤٨] ـ (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ) أي الشرك (بِهِ) بدون توبة ؛ للإجماع على غفرانه بها (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) ما سوى الشرك من المعاصي بدون توبة (لِمَنْ يَشاءُ) تفضّلا ، ومقتضاه الوقوف بين الخوف والرجاء ، فلا إغراء فيه.
وتقييد المعتزلة ايّاه بالتوبة لا حجة له ، وتخصيصه بالعمومات الوعيدية ليس أولى من العكس بل الأولوية للعكس ، وإلّا لساوى الشرك في الحكم ، فيلغو التقسيم إليهما ، وأن هذا يغفر وذاك لا يغفر ، والتعليق بالمشيئة لايجابهم الغفران بالتوبة ـ حاشا كلامه تعالى ـ (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) ارتكبه ، (١) والافتراء يقال للقول والفعل كالاختلاق.
[٤٩] ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) هم أهل الكتاب ، قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ، (٢) (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) (٣) ويعم كلّ من زكّى نفسه ومدحها (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) فتزكيته هي المعتد بها دون تزكية غيره لعلمه بمن هو أهل التزكية ، وقد ذمّهم وزكّى من ارتضاه من المؤمنين.
__________________
(١) هنا في هامش «الف» ـ بخط يغاير خط المتن ـ ما يلي : يقول ارتكبه على انه إثما مفعول به لا مفعول مطلق كما قال الطبرسي (ع. ق).
(٢) سورة المائدة : ٥ / ١٨.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١١١.