تقدمّكم من أهل الحق لتقتدوا بهم (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) ويقبل توبتكم أو يرشدكم الى ما يحثّكم على التوبة ، أو الى طاعات تكفر سيئاتكم إن قمتم بها (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمصالحكم (حَكِيمٌ) فيما دبّر لكم.
[٢٧] ـ (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) كرر للتأكيد وليبنى عليه (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) المبطلون ، أو الزناة ، أو المجوس ، أو اليهود فإنهم يحلّون الأخوات من الأب ، وبنات الأخ وبنات الاخت (أَنْ تَمِيلُوا) عن الحق بموافقتهم على اتباع الشهوات أو إحلال المحرمات (مَيْلاً عَظِيماً) إذ لا ميل أعظم من ذلك.
[٢٨] ـ (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) بإحلال نكاح الأمة وغيره من الرخص (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) لا يصبر عن النساء أو الشهوات.
[٢٩] ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) بما حرّمه الشرع كالربا والقمار والظلم (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) منقطع ، أي ولكن كون تجارة صادرة عن رضا المتبايعين غير منهيّ عنه.
وقيل : أريد بالمنهي عنه صرف المال فيما لا يرضاه الله ، وبالتجارة صرفه بما يرضاه. ونصب الكوفيون «تجارة» على الناقصة (١) أي : إلّا أن تكن التجارة تجارة (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) بإلقائها الى التهلكة ، أو بالبخع (٢) كفعل بعض الجهلة ، أو بارتكاب ما يؤدي الى هلاكها في الدنيا والآخرة ، أو أريد بالأنفس من كان من أهل دينهم ، إذ المؤمنون كنفس واحدة (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) أي : نهاكم عن ذلك لفرط رحمته بكم.
[٣٠] ـ (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي القتل ، أو ما ذكر من المحرمات (عُدْواناً وَظُلْماً) إفراطا في تعدّي الحق ، وايمانا بما لا يستحق ، أو أريد بالعدوان التعدي
__________________
(١) حجة القراءات : ١٩٩.
(٢) في «ط» : النّجع ، والبخع قتل الإنسان نفسه غمّا.