لو نعلم قتالا لاتّبعناكم ، فهمّ الحيّان باتباعه ، فعصمهم الله ، فمضوا مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ وكأنه همّ خطرة (١) لقوله : (وَاللهُ وَلِيُّهُما) إذ لا تثبت الولاية مع العزيمة ، أو أريد : والله ناصرهما ، فما لهما يفشلان (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أمرهم بأن لا يتوكلوا إلّا عليه.
[١٢٣] ـ (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) ذكّرهم بما نفعهم التوكّل ، و «بدر» ماء بين الحرمين ، سمي باسم صاحبه (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) حال ، وعدل عن «ذلّان» (٢) ليدلّ على قلّتهم مع ذلتهم ، لقلة العدة والعدد (فَاتَّقُوا اللهَ) في الثبات (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) بتقواكم نعمة نصره.
[١٢٤] ـ (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ظرف ل «نصركم» أو بدل ثان من «إذ غدوت» على أن قوله لهم يوم احد [كان] (٣) مع اشتراط الصّبر والتقوى فلم يصبروا عن الغنائم ، ولم يتّقوا مخالفة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلم تنزل الملائكة (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ) انكار أن لا يكفيهم ذلك ، وجيء ب «لن» اشعارا بأنهم كانوا لضعفهم وقوة عدوّهم كالآيسين من النّصر ، وشدّد «ابن عامر» : «منزلين». (٤)
[١٢٥] ـ (بَلى) إيجاب لمنفيّ «لن» ، أي : بلى يكفيكم ، ثم وعدهم الزيادة على الصّبر والتقوى بقوله : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ) أي المشركون (مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) مصدر «فارت القدر» أي : غلت ، فاستعير للسرعة. والمعنى : إن يأتوكم من ساعتهم هذه (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) في حال إتيانهم
__________________
(١) لا همّ عزيمة إذ لو كان همّ عزيمة وقصد لكان ذمّهم أولى من مدحهم.
(٢) في «الف» : ذلائل ، و «الاذلة» جمع قلّة و «الذلان» جمع الكثرة.
(٣) الزيادة اقتضاه السياق.
(٤) حجة القراءات : ١٧٢.