فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) كرّر تأكيدا لأمر القبلة ، وتثبيتا للقلوب عن فتنة النّسخ (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) علّة ل «ولّوا» أي : توليتكم عن الصّخرة إلى الكعبة تردّ احتجاج اليهود : بأنّ المنعوت في التّوراة قبلته الكعبة ، والمشركين : بأنّه يخالف قبلة «ابراهيم» ويدّعي ملّته (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) استثناء من النّاس ، أي : لئلا يكون حجّة لأحد من النّاس إلّا المعاندين من اليهود القائلين : ما تحوّل إلى الكعبة إلّا ميلا إلى دين قومه ، وحبّه لبلده.
وسمّي «حجّة» لسوقهم إيّاه مساقها ، أو : من العرب القائلين : رجع إلى قبلة آبائه ويوشك أن يرجع إلى دينهم ، أو : الاستثناء للمبالغة في نفي الحجّة إذ لا حجّة للظّالم (فَلا تَخْشَوْهُمْ) فلا تخافوا ضرر مطاعنهم (وَاخْشَوْنِي) فلا تخالفوا أمري (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) عطف على «لئلا» ، أو علّة محذوف ، أي :
وأمرتكم لاتمامي النّعمة عليكم وإرادتي اهتداءكم.
[١٥١] ـ (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ) متصل بسابقه ، أي : ولأتمّ نعمتي عليكم بالقبلة ، أو : الثّواب كما أتممتها بإرسال رسول منكم ، أو : بلاحقه ، أي : كما ذكرتم بإرساله فاذكروني (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ) يعرّفكم ما تكونون به أزكياء (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) مما لا سبيل إلى علمه إلّا الوحي.
[١٥٢] ـ (فَاذْكُرُونِي) بطاعتي. وفتح «ابن كثير» الياء (١) (أَذْكُرْكُمْ) رحمتي (وَاشْكُرُوا لِي) نعمتي (وَلا تَكْفُرُونِ) بجحدها.
[١٥٣] ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا) على الجهاد أو الطّاعات (بِالصَّبْرِ) عن الشّهوات (وَالصَّلاةِ) الداعية إلى الحسنات ، والنّاهية عن السّيئات (إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) بالنّصر والتّوفيق.
__________________
(١) الكشف عن وجوه القراءات : ٣٢٨.