فحمل عليه أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي من بنى عبدود ، فقال مرداس : إنى منكم أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله. فطعنه أسامة برمحه فقتله وسلبه وساق غنمه. فلما قدم المدينة أخبر أسامة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم. فلامه النبي ملامة شديدة. فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قتلته وهو يقول لا إله إلا الله؟ قال : إنما قال ذلك أراد أن يحرز نفسه وغنمه؟ فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أفلا شققت عن قلبه فتنظر صدق أم لا؟ قال يا رسول الله : كيف يتبين لي؟ وإنما قلبه بضعة من جسده فقال : فلا صدقته بلسانه ولا أنت شققت عن قلبه فيبين لك. فقال : استغفر لي يا رسول الله. قال : فكيف لك بلا إله إلا الله يقول ذلك ثلاث مرات. فاستغفر له النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الرابعة.
قال أسامة فى نفسه : وددت أنى لم أسلم حتى كان يومئذ فأمره النبي ـ صلى الله عليه سلم ـ أن يعتق رقبة. قال مقاتل ـ رحمهالله ـ : فعاش أسامة زمن أبى بكر وعمر وعثمان ـ رضى الله عنهم ـ حتى أدرك على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ فدعاه على ـ رحمهالله ـ إلى القتال. فقال أسامة : ما أحد أعز على منك ، ولكن لا أقاتل مسلما بعد قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم : كيف لك بلا إله إلا الله؟
«فإن أتيت بسيف إذا ضربت به مسلما ، قال السيف : هذا مسلم. وإن ضربت به كافرا ، قال لي : هذا كافر ، قاتلت معك. فقال له على» (١) : اذهب حيث شئت. فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (٢) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ
__________________
(١) ما بين الأقواس «...» من ل وهو ناقص فى أ.
(٢) أى فى قتل أسامة مرداس.