ويدنيه فى المجلس ، وفى قلبه غير ذلك فأنزل الله ـ عزوجل ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى) ما يقول يعنى يمينه التي حلف بالله و (ما فِي قَلْبِهِ) أن الذي يقول حق (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) ـ ٢٠٤ ـ يقول جدلا بالباطل كقوله ـ سبحانه : ـ (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) (١) يعنى جدلاء خصماء ثم أخبر نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : (وَإِذا تَوَلَّى) يعنى إذا توارى وكان رجلا مانعا جريئا (٢) على القتل (سَعى فِي الْأَرْضِ) بالمعاصي (لِيُفْسِدَ فِيها) يعنى فى الأرض (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) يعنى كل دابة وذلك أنه عمد إلى كديس بالطائف إلى رجل مسلم فأحرقه وعقر دابته (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ـ ٢٠٥ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) يعنى الحمية نظيرها فى ص (آية ٢) قوله ـ سبحانه ـ (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) يعنى حمية بالإثم (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) شدّة عذاب (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) ـ ٢٠٦ ـ وكان الأخنس يسمى (٣) أبىّ بن شريق من بنى زهرة ابن كعب بن لؤي بن غالب. وإنما سمى الأخنس لأنه يوم بدر رد ثلاثمائة رجل من بنى زهرة عن قتال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال لهم : إن محمدا ابن أختكم وأنتم أحق من كف عنه ، فإن كان نبيا لم نقتله وإن كان كذابا كنتم أحق من كف عنه فخنس بهم فمن ثم سمى الأخنس (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) وذلك أن كفار مكة أخذوا عمارا وبلالا وخبابا وصهيبا فعذبوهم لإسلامهم حتى يشتموا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأما صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان القرشي وكان شخصا ضعيفا فقال لأهل مكة : لا تعذبونى ، هل
__________________
(١) سورة مريم : ٩٧ وتماما (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا).
(٢) فى أ ، ل : مانعا جريا. ولعل المراد مانعا : أى يمنع نفسه من عدوه فى الحرب. جريئا : على الكر والفر.
(٣) فى أ : اسمه.