خائفا متنكرا فمن قدر عليه منهم فإنه يعاقب ثم أخبر عن أهل الروم فقال : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) يعنى الهوان إن لم تقتل مقاتلتهم وتسب ذراريهم بأيدى المسلمين فى ثلاث مدائن قسطنطينية والرومية ومدينة أخرى وهي عمورية فهذا خزيهم فى الدنيا (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [٢١ أ] ـ ١١٤ ـ من النار (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) وذلك أن ناسا من المؤمنين كانوا فى سفر فحضرت الصلاة فى يوم غيم فتحيروا فمنهم من صلى قبل المشرق ومنهم من صلى قبل المغرب وذلك قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة فلما طلعت الشمس عرفوا أنهم قد صلوا لغير القبلة فقدموا المدينة فأخبروا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بذلك فأنزل الله ـ عزوجل ـ (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا) تحولوا وجوهكم فى الصلاة (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فثم الله (إِنَّ اللهَ واسِعٌ) لتوسيعه عليهم فى ترك القبلة حين جهلوها (عَلِيمٌ) ـ ١١٥ ـ بما نووا وأنزل الله ـ عزوجل ـ (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) (١) إلى آخر الآية (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ) إنما نزلت فى نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما من الوفد قدموا على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالمدينة فقالوا : عيسى ابن الله فأكذبهم الله ـ سبحانه ـ وعظم نفسه ـ تعالى عما يقولون ـ فقال : (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) ـ ١١٦ ـ يعنى لله يعنى من فيهما : يعنى عيسى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وغيره عبيده وفى ملكه ثم قال : قانتون يعنى مقرون بالعبودية ثم عظم
__________________
(١) سورة البقرة : ١٧٧ وتمامها (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).