تشريعي محض حتى يحتاج إلى تبليغ الأنبياء ، بل الله تعالى خلق الإنسان علّمه البيان وألهمه بالتلفّظ بلفظ مخصوص عند إرادة معنى خاصّ ، فالواضع في الحقيقة هو الله تعالى ، فوضع ألفاظا خاصّة لمعان خاصّة بمناسبات لا نعلمها (١).
وفيه أوّلا : أنّ ما أفاده من وجود المناسبات بين المعاني والألفاظ معلومة له تعالى ، مجهولة عندنا ، قد مرّ أنّه وإن كان ممكنا محتملا إلّا أنّه لا يمكن إثباته بالبرهان.
وثانيا : لا نتعقّل واسطة بين الأمور التكوينيّة والتشريعيّة الاعتباريّة ، فإنّ الشيء إن كان له مطابق في الخارج ونفس الأمر ، فهو من التكوينيّة ، وإن لم يكن كذلك ، فلا يكون منها ، بل يكون من الأمور الاعتباريّة التّابعة لاعتبار معتبر من شارع وغيره.
ومجرّد كون الوضع بإلهام منه تعالى [لا يوجب كونه] واسطة بينهما ، فإنّ صنائع البشر بأجمعها بإلهام منه تعالى ، وجميع ما تفعله المخلوقات لرفع حوائجها حتى في الحيوانات بإلهام منه تعالى.
ثمّ إنّ إطالة الكلام في المقام ـ مع أنّ هذا البحث ليس له ثمرة عمليّة ـ لأجل أمرين:
الأوّل : أنّه ـ بناء على المختار من كون الوضع هو التعهّد ـ لا مانع من استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى ، ولا يلزم
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٠ ـ ١٢.