لا يمكن لهم الالتزام ابتداء بعلاميّة اللفظ لإرادة معان متعدّدة على نحو الاستقلال كذلك لا يمكن لهم إمضاء وضع واضعين الذين كلّ يضع اللفظ لمعنى مستقلّ غير ما يضعه له آخر ، بل لا بدّ لهم إمّا من إمضاء علاميّة لواحد أو التزامهم ابتداء للجامع بين الجميع ولو كان عنوان «أحدهما» ولا يخفى أنّه لا يترتّب على هذا البحث ثمرة أصلا.
الأمر الحادي عشر : أنّه بعد ما أرجعنا اللغات المشتركة إلى وضعها للجامع بين جميع المعاني ولو كان انتزاعيّا بأن كان الموضوع له لما يسمّونه بالمشترك أحد معانيه أو معنييه على سبيل منع الخلوّ ، يقع الكلام في أنّه هل يجوز استعماله في أكثر من معنى واحد بحيث يكون هناك استعمالان واللفظ مستعملا بأحدهما في معنى وبالآخر في آخر ، نظير ما إذا كان اللفظ متعدّدا؟ عمدة ما ذكر للاستحالة ما أفاده في الكفاية (١) من أنّ الاستعمال جعل اللفظ وجودا تنزيليّا للمعنى بحيث يكون المعنى كأنّه الملقى ، واللفظ يكون حين الاستعمال ملحوظا آلة ، بل مغفولا عنه ، واللحاظ الاستقلاليّ متعلّقا بالمعنى ، فإذا احتاج كلّ استعمال إلى لحاظ اللفظ فانيا في المعنى ـ والمفروض أنّ اللفظ يستعمل باستعمالين في معنيين ـ فاستعماله كذلك في معنيين يحتاج إلى تعلّق اللحاظين الآليّين باللفظ الواحد في آن واحد ، وهو آن
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥٣.