فظهر واتّضح أنّ الوجوب والندب ليسا من مدلول الصيغة ، بل هما أمران خارجيّان ناشئان من لزومية المصلحة وعدمها ، وعند عدم الترخيص يحكم العقل بوجوب الامتثال بمقتضى العبودية والمولوية (١).
ومن ذلك يعلم أنّ البحث ـ على فرض عدم كون الصيغة حقيقة في الوجوب ـ في أنّها هل هي ظاهرة فيه أم لا؟ لا وجه له ، إذ هو مبنيّ على كون الوجوب والندب من المداليل اللفظية لا السياقية ، وقد عرفت أنّه باطل.
ثمّ إنّه يتّضح وينكشف على ما اخترناه ـ من كون الوجوب أمرا يحكم به العقل خارجا عن مدلول الصيغة ـ فرع مهمّ ، وهو أنّه إذا ورد مثلا : «أكرم زيدا وعمرا» وعلمنا من الخارج أنّ زيدا لا يجب إكرامه وشككنا في وجوب إكرام عمرو ، فمقتضى ما ذكرنا : وجوب إكرام عمرو ، إذ لم يثبت الترخيص على الفرض بالنسبة إلى عمرو ، فموضوع حكم العقل يتحقّق ويترتّب عليه حكمه بوجوب إكرام عمرو ، فلا مجال للإشكال المشهور من أنّ الصيغة الواحدة في استعمال واحد كيف يمكن أن تكون للوجوب والندب معا!؟ وكيف يمكن أن تستعمل في مطلق الطلب من دون أن يتفصّل بفصل!؟
وذلك لأنّ الصيغة في المثال السابق أو غيره ، نحو : «اغتسل
__________________
(١) وفيه ما مرّ في مادّة الأمر (م). انظر ص ١٩٤ (الهامش).