يبرّهما. ثمّ يجيء آخر فيقول : لم أزل اليوم برجل حتّى زنى. فيقول : أنت. ثمّ يجيء آخر فيقول : لم أزل اليوم برجل حتّى سرق. فيقول : أنت. ثمّ يجيء آخر فيقول : لم أزل اليوم برجل حتّى شرب الخمر. فيقول : أنت. قال بعضهم : فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة. قال بعضهم : بلغنا أنّ جهنّم موضع البحر (١).
قوله : (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) يعني أفئدة المشركين تصغي إلى ما توحي إليها الشياطين وترضاه. والإصغاء الميل. يقول : (وَلِتَصْغى) أى : ولتميل (إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ) (١١٣) أى : وليكتسبوا ما هم مكتسبون ، أى سيعملون ما هم عاملون.
قوله : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) : أى مبيّنا فصّل فيه الهدى والضلالة والحلال والحرام.
قوله : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) : يعني أهل الدراسة من أهل الكتاب يعلمون أنّه منزل من ربّك بالحقّ (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (١١٤) : أى من الشاكّين [أنّ هذا القرآن من عند الله وأنّ الدارسين من أهل الكتاب (يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ)] (٢).
قوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً) : فيما وعد (وَعَدْلاً) : فيما حكم. وقال الحسن : (صِدْقاً وَعَدْلاً) بالوعد والوعيد الذي جاء من عند الله. (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) : فيما وعد ، كقوله : (قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٢٩) [سورة ق : ٢٨ ـ ٢٩]. قوله : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١١٥) أى لا أسمع منه ولا أعلم منه.
قوله : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : لأنّ المشركين كانوا يدعونه إلى عبادة الأوثان. (إِنْ يَتَّبِعُونَ) : بعبادتهم الأوثان (إِلَّا الظَّنَّ) : أى ادّعوا أنّهم
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده. وأخرجه مسلم مختصرا ، عن جابر ، في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس ... (رقم ٢٨١٣).
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٩٩.