زعمتما أنّه لم يبع شيئا ولم يشتره. قالا : لا ، فإنّا كنّا اشتريناه منه فنسينا أن نخبركم به. فرفع أمرهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله هذه الآية. (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ). فقام رجلان من أولياء الميّت ، يزعمان أنّهما عبد الله بن عمر (١) والمطّلب بن أبي رفاعة ، فحلفا بالله إنّ ما في وصيّته حقّ ، وإنّ خيانة بتميم وصاحبه. فأخذ تميم وصاحبه بما وجد في وصيّته لما اطلع عليه عند هما من الخيانة لقول الله : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها ...) إلى آخر الآية.
وبعضهم يقول : هي منسوخة. لا يحلف الشاهدان اليوم ؛ إن كانا عدلين جازت شهادتهما ، وإن لم يكونا عدلين لم تجز شهادتهما. قال الله في سورة البقرة [آية ٢٨٢] : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ). وقال في سورة الطلاق [آية ٢] : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) ولم يجعل على الشاهد أن يحلف. ولا يستوجب المدّعي بنفسه الحقّ ، إن شهد له شاهدان ذوا عدل قضي له ، وإن لم تكن له بيّنة استحلف له المدّعى عليه.
ذكروا عن ابن عبّاس في قوله : (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٢٠) [ص : ٢٠] قال : البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : المدّعى عليه أولى باليمين إذا لم تكن بيّنة (٢).
ذكروا أنّ مجاهدا قال : هو أن يموت المؤمن فيحضر موته مؤمنان أو كافران ، لا يحضر غير اثنين. فإن رضي ورثته عمّا عابا عليه من تركته فذاك ، وإلّا حلف الشاهدان أنّهما صادقان ، (فَإِنْ عُثِرَ) أى : إن وجد لطخ أو لبس أو سبة (٣) ، حلف اثنان من الأوليين من الورثة فاستحقّا وأبطلا
__________________
(١) كذا في ع وفي د ، وفي رواية ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس عن تميم الداري أنّه عمرو بن العاص. ويبدو أنّ هذه الرواية أصحّ ، لأنّ عمرو بن العاص من بني سهم ، فهو من أولياء الميّت.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ. وقد أخرج الربيع بن حبيب في كتاب الأحكام ، رقم ٥٩٢ ، عن ابن عباس مرفوعا : «البيّنة على من ادّعى ، واليمين على من أنكر» ، وروى نحوه البيهقيّ في الشعب. وترجم البخاري في كتاب الشهادات ، باب اليمين على المدّعى عليه في الأموال والحدود ، وقال النبيّ : «شاهداك أو بيّنة».
(٣) كذا في ع : سبة ، وفي د : بياض وفي بعض الروايات : «شبه» وهذا أصحّ وفي تفسير مجاهد ص ٢١٠ : «تشبيه».