مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) (٧٥) : أى على أعدائنا في تفسير الحسن.
قال الكلبيّ : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عتّاب بن أسيد (١) أميرا على مكّة فاشتدّ على الظالمين من أهلها ، ولان للمسلمين حتّى أنصف الضعيف من الشديد.
قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) : والطاغوت الشيطان. قال الله : (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) : وهم المشركون (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (٧٦) : أخبرهم أنّهم يظهرون عليهم في تفسير الحسن. قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) : أى : بل أشدّ خشية.
قال بعضهم : هؤلاء قوم من أصحاب النبيّ عليهالسلام ، وهم يومئذ بمكّة قبل الهجرة ، تنازعوا إلى القتال وسارعوا إليه حتّى قالوا : يا نبيّ الله ، ذرنا نتّخذ معاول فنقاتل بها المشركين ؛ فنهاهم النبيّ عن ذلك. فلمّا كانت الهجرة ، وأمروا بالقتال كره القوم ذلك. (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) : فقال الله : (قُلْ) : يا محمّد (مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ). وكانوا أمروا بالقتال في سورة الحجّ في قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) [الحج : ٣٩] ، وفي سورة العنكبوت (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٢) : أى لا يقاتلون ، إلى قوله : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٦) [العنكبوت : ١ ـ ٦].
وقال الكلبيّ : كانوا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم بمكّة قبل أن يهاجر رسول الله إلى المدينة. وكانوا يلقون من المشركين أذى كثيرا ، فقالوا : يا رسول الله ، ألا تأذن لنا في قتال هؤلاء القوم؟ فقال لهم رسول الله : كفّوا أيديكم عنهم ، فإنّي لم أومر بقتالهم (٢) ، فلمّا هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسار إلى بدر فعرفوا أنّه
__________________
(١) هو أبو عبد الرحمن عتّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أميّة بن عبد شمس القرشيّ. أسلم يوم الفتح ، واستعمله رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين خرج إلى حنين أميرا على مكّة ، وظلّ كذلك إلى وفاته صلىاللهعليهوسلم ، ثمّ في عهد أبي بكر إلى أن توفّي هو وأبو بكر في وقت واحد. وقيل : في يوم واحد. انظر : ابن قتيبة ، المعارف ، ص ٢٨٣ ، وابن عبد البرّ ، الاستيعاب ، ج ٣ ص ١٠٢٣.
(٢) كذا في ع ود. وفي ز ورقة ٦٨ ورد قول النبيّ عليهالسلام موافقا لما في الكتاب ، وفي خبر في تفسير الطبري ، ج ٨ ص ٥٤٩ من رواية ابن عبّاس ورد بلفظ : «إنّي أمرت بالعفو فلا تقاتلوا». أمّا رواية الكلبيّ التي ـ