الإسلام والإقرار به.
قوله : (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) : أى : يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة. كقوله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) [التوبة : ١١١]. (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٧٤) : أى الجنّة.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّ في الجنّة لمائة درجة ، بين كلّ درجتين كما بين السماء والأرض ، أعدّها الله للمجاهدين في سبيله. ولو لا أن أشقّ على أمّتي ولا تطيب أنفسهم أن يتخلّفوا بعدي ما قعدت خلف سريّة تغزو ، ولوددت لو أقاتل في سبيل الله فأقتل ، ثمّ أحيى ثمّ أقتل ، ثمّ أحيى ثمّ أقتل (١).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : والذي نفسي بيده ما من نفس تموت لها عند الله خير ويسرّها أن ترجع إلى الدنيا وأنّ لها نعيم الدنيا إلّا الشهيد ، فإنّه يودّ لو رجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرّات لفضل ما قد رأى وعاين (٢).
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والذي نفسي بيده ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرّها أن ترجع إلى الدنيا وأنّ لها نعيم الدنيا إلّا الشهيد فإنّه يودّ لو رجع إلى الدنيا فيقتل في سبيل الله مرّة أخرى لتعظيم الأجر.
قوله : (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ) : قال الحسن : يعني وعن المستضعفين من أهل مكّة من المسلمين. (مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) : قال مجاهد : أمر الله المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفين كانوا بمكّة (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) : وهم مشركو أهل مكّة (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، في باب درجة المجاهدين ، وفي باب تمنّي الشهادة عن أبي هريرة مرفوعا ، ولفظة : «والذي نفسي بيده لو لا أنّ رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلّفوا عنّي ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلّفت عن سريّة تغزو في سبيل الله ، والذي نفسي بيده لوددت أنّي أقتل في سبيل الله ثمّ أحيا ثمّ أقتل ثمّ أحيا ثمّ أقتل ، ثمّ أحيا ثمّ أقتل».
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب الحور العين وصفتهم عن أنس. وأخرجه مسلم والحديث الذي يليه في كتاب الإمارة ، باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى (١٨٧٧) عن أنس بن مالك.