القتال ، كرهوا أو بعضهم.
قال الله : (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ ...) إلى آخر الآية.
وقال الحسن : قالوا : يا رسول ، ألا نأتي المشركين بمعاولنا فنقتلهم في رحالهم. قال ذلك عبد الرحمن بن عوف وأصحابه. (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً). وذلك لما في قلوبهم من الخشية ، لما طبع عليه الآدميّون وهم مؤمنون.
(لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا) أى : هلّا (أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) قالوه في أنفسهم. والأجل القريب أجلهم. (لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ) : أى لو لا أخّرتنا حتّى نموت على فرشنا بغير قتال ؛ وذلك لكراهتهم لقتال آبائهم وأبنائهم وإخوانهم ، وهو قوله تعالى : (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٥) [الأنفال : ٥] وليس بكراهية يردّون فيها أمر الله وأمر نبيّه ؛ فقال الله لمحمّد : (قُلْ) لهم (مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) أى : إنّكم على كلّ حال ميّتون والقتل خير لكم.
قال الله : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٧٧) : والفتيل هو الذي في بطن النواة.
ثمّ أخبرهم ليعزّيهم ويصبّرهم (١) فقال : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) : قال بعضهم : في قصور محصّنة.
قال الحسن : ثمّ ذكر المنافقين خاصّة فقال : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) : أى : النصر والغنيمة (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) : أى : نكبة من العدوّ (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) : أى إنّما أصابتنا هذه عقوبة مذ خرجت فينا ، يتشاءمون به. (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : أى : النصر على الأعداء والنكبة ؛ نكبوا يوم أحد عقوبة. ثم قال : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ) : فظفرت بها ونصرت على
__________________
وردت هنا فهي موافقة لما أورده الواحديّ في أسباب النزول ، ص ١٥٨.
(١) في د : «ثمّ أخبرهم بقربهم ومصيرهم» ، وله وجه ومناسبة ، وأثبتّ ما جاء في ز ، ورقة ٦٩ ، وهو أحقّ بالصواب.