همسا ، أى وطء الأقدام ، وفي موطن آخر يتكلّمون فيكذبون ، وقالوا : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) [النحل : ٢٨] ، و (قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢٣) [الأنعام : ٢٣]. وفي موطن يعترفون على أنفسهم بالكفر ، ويسألون الله أن يردّهم إلى الدنيا فيؤمنوا. وآخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم ، وتتكلّم أيديهم وأرجلهم.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) : ذكر بعضهم قال : لّما نزلت (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ـ والميسر القمار كلّه ـ (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) [البقرة : ٢١٩] فذمّها الله في هذه الآية ولم يحرّمها ، وهي لهم يومئذ حلال. قال : فبلغنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لّما نزلت هذه الآية : إنّ الله قد يقرّب في تحريم الخمر (١). ثمّ أنزل في الخمر بعدها آية هي أشدّ منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) فكان السكر عليهم منها حراما ، وأحلّ لهم ما سوى ذلك ؛ فكانوا يشربونها ، حتّى إذا حضرت الصلاة أمسكوا عنها. ثمّ أنزل الله تحريمها في سورة المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٩٠) [المائدة : ٩٠] فجاء تحريمها في هذه الآية قليلها وكثيرها ، ما أسكر منها وما لم يسكر.
قوله : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) : ذكروا عن ابن عبّاس قال : هو المسافر إذا لم يجد الماء تيمّم وصلّى. وقال بعضهم : الجنب يعبر المسجد (٢) ولا يقعد فيه ، ويتلو هذه الآية : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ).
قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) : أى [تعمّدوا] (٣) ترابا نظيفا. والملامسة في قول عليّ وابن عبّاس والحسن وعبيد (٤) هو الجماع. وكان ابن مسعود يقول : هو اللمس باليد ،
__________________
(١) انظر ما مضى في هذا الجزء تفسير الآية ٢١٩ من سورة البقرة.
(٢) كذا في ع : «يعبر» ، وفي د : «يمرّ في المسجد».
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٦٥.
(٤) في ع : «وغيرهم» ويبدو أنّ الصواب ما جاء في د : «وعبيد» ، وهو أبو عاصم عبيد بن عمير بن قتادة الليثي ، قاضي أهل مكّة. وقد ولد على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكر البخاري أنّه رآه. وهو يعدّ من كبار التابعين.