قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) (٤٠) [النساء : ٤٠]. والثانية قوله : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٣١) [النساء : ٣١]. والثالثة : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ٤٨]. والرابعة : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) (١١٠) [النساء : ١١٠]. والخامسة : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١٥٢) [النساء : ١٥٢].
قوله : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) : أى يوم القيامة يشهد على قومه أنّه قد بلّغهم. قال بعضهم : شاهدها نبيّها من كلّ أمّة. (وَجِئْنا بِكَ) : يا محمّد (١) (عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٤١). قال : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) : قال بعضهم : ودّوا لو أنّ الأرض تخرّقت بهم فساخوا فيها.
وقال بعضهم : إنّ الله إذا حشر الخلائق يوم القيامة قصّ لبعضهم من بعض ، حتّى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء ، ثمّ قال : كوني ترابا ، يطأ عليهم أهل الجمع ، هذا ما سوى الثقلين. فعند ذلك (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٤٠) [النبأ : ٤٠] وهو قوله : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ).
قوله : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٤٢) : ذكر أبو حازم عن ابن عبّاس في قوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢٣) [الأنعام : ٢٣] فبألسنتهم ، وأمّا قوله : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٤٢) فبجوارحهم.
ذكروا عن أبي موسى الأشعريّ قال : (قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) فختم الله على أفواههم فقال للجوارح : انطقي ، فإنّ أوّل ما يتكلّم من أحدهم لفخذه ، قال الحسن : نسيت اليمنى قال أم اليسرى. وهذا في سورة يس : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ). [يس : ٦٥]. وقال الحسن : في موطن لا يتكلّمون ولا تسمع إلّا
__________________
(١) جاء في تفسير الطبري ، ج ٨ ص ٣٧٠ ما يلي : «... عن المسعوديّ عن القاسم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لابن مسعود : اقرأ عليّ. قال : أقرأ عليك ، وعليك أنزل؟ قال : إنّي أحبّ أن أسمعه من غيري. قال : فقرأ ابن مسعود (النساء) حتّى بلغ : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) قال : استعبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وكفّ ابن مسعود».