وقوله : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) : أى التي دون الكبائر ، (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) : أى الجنّة.
قال الحسن : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألا إنّ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفّارات لما بينهما لمن اجتنب الكبائر (١).
ذكروا عن أنس بن مالك أنّه قرأ هذه الآية (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) فقال : قد تجاوز لكم عن السيّئات ، فما بال الكبائر؟.
ذكروا أنّ رجلا من أصحاب النبيّ قال : الذنوب درجات ، فأعظمها القتل ، ألا إن الإشراك بالله مقتلة.
قوله : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) : ذكر بعضهم قال : كان أهل الجاهليّة لا يورّثون المرأة شيئا ولا الصبيّ ؛ وإنّما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع. فلمّا ألحق الله (٢) للمرأة نصيبها وللصبيّ نصيبه ، وجعل للذكر مثل حظّ الانثيين قالت النساء : لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال ، وقالت الرجال : إنا لنرجو أن نفضّل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضّلنا عليهنّ في الميراث ، فأنزل الله هذه الآية إلى قوله : (وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) ؛ يقول : المرأة تجزى بحسناتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل.
وتفسير مجاهد : تقول النساء : يا ليتنا كنّا رجالا ، فنغزو ونبلغ ما يبلغ الرجال.
قال : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٣٢) : وقال الحسن : لا يتمنّى مال فلان ، ولا دار فلان ، لعلّه يكون هلاكه فيه.
__________________
ـ الإيمان ، باب نقصان الإيمان بالمعاصي (٥٧) عن أبي هريرة أيضا. وأخرجه الربيع بن حبيب في مراسيل جابر بن زيد ، ج ٤ ص ٢٧ (رقم ٩٨٣). وجاء في آخر الحديث : «فإن تاب تاب الله عليه».
(١) كذا في ع ، وفي د : «كفّارات لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر». وانظر ما سلف قريبا في هذا الجزء ، التعليق على تفسير الآية ١٨ من هذه السورة.
(٢) كذا في ق وع : «ألحق» ، وهو الصحيح ، قارن بما في تفسير الطبري ، ج ٨ ص ٢٦٥ ، وبما جاء في الدرّ المنثور للسيوطي ، ج ٢ ص ١٤٩.