بالألسنة (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) (١٦). ثمّ نزلت هذه الآية (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). ثمّ نزل في سورة النور : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢]. وهذا في تفسير الحسن.
وقال غيره : (فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) قال : كان هذا بدء عقوبة الزنا ؛ كانت المرأة تحبس ، ويؤذيان جميعا بالقول والشتيمة ، قال : (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) ، فجعل سبيلهنّ الجلد والرجم : إن كانا محصنين رجما ، وإن كانا غير محصنين جلد كلّ واحد منهما مائة جلدة.
قال الحسن : إن جاء الشهود الأربعة جميعا أقيم بشهادتهم الحدّ ، وإن جاءوا مفترقين جلد كلّ إنسان منهم جلد القاذف ثمانين.
ذكر عكرمة عن ابن عبّاس قال : لا يقام الحدّ حتّى يشهدوا أنّهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة.
قوله : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ) : أى إنّما التجاوز من الله (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ) : ذكر بعض العلماء قال : كلّ ذنب أتاه عبد فهو بجهالة. قال : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) : أى : ما دون الموت ؛ يقال : ما لم يغرغر بنفسه (١). (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١٧).
قال الحسن : نزلت هذه الآية في المؤمنين. ثمّ ذكر الكفّار فقال : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) : يعني الشرك بالله (٢). (حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) : عند معاينة ملك الموت قبل أن تخرج نفسه من الدنيا (قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) : أى رجعت الآن (وَلَا الَّذِينَ
__________________
(١) أخرج أحمد والترمذيّ عن ابن عمر عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر».
(٢) هذا قول ابن عبّاس. وقال أبو العالية في قوله : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ ...) الآية ، قال : هذه للمؤمنين ، وفي قوله : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ ...) قال : هذه لأهل النفاق ، وفي قوله : (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) قال : هذه لأهل الشرك.