فيكره أن يزوّجهن ، يريد أن يحبسهنّ حتّى يمتن فيرثهنّ ، أو يتزوّج منهنّ من يشاء.
ذكروا عن مجاهد أنّه قال : كان الرجل في الجاهليّة يتزوّج بمال اليتيم لا يبالي ، فنهاهم الله عن ذلك (١). وبلغنا عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّما قصروا على أربع من أجل أموال اليتامى (٢).
قوله : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) (٣) : أى : أجدر ألّا تعولوا. ذكروا عن مجاهد قال : ذلك أدنى ألّا تضلّوا. وقال بعضهم : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أى : أدنى ألّا تميلوا ؛ وهو واحد.
قوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) : أى فريضة (٣).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا على أحدكم على ما تزوّج من قليل أو كثير إذا ما سمّى وأشهد (٤).
ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه جعل مهور نساء المؤمنين أربعمائة درهم ، فما اصطلحوا عليه دون ذلك فهو جائز. وقال بعضهم : كانوا يكرهون أن يكون مثل مهر النبيّ ، ولكن بالعشرة والعشرين.
قوله : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) : أى : عن شيء من الصداق (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (٤).
ذكروا أنّ عمر بن عبد العزيز كتب : أيّما امرأة تصدّقت على زوجها بصداقها بطيب نفس
__________________
(١) جاء في تفسير مجاهد ص ١٤٤ مايلي : «(وَإِنْ خِفْتُمْ ، أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) يقول : إن تحرّجتم من ولاية أموال اليتامى ، إيمانا وتصديقا ، فما تأتون في جمعكم النساء أعظم».
(٢) لم يشر المؤلّف عند ما ذكر مختلف تفاسير الآية إلى تفسير عائشة رضي الله عنها لهذه الآية عند ما سألها عنها ابن أختها عروة بن الزبير ، وتفسيرها جدير بالاعتبار ، اقرأه في صحيح البخاري في كتاب التفسير من أوائل سورة النساء. وانظره في تفسير الطبري ، ج ٧ ص ٥٣١ ـ ٥٣٣.
(٣) فسّر الفرّاء في معاني القرآن ج ١ ص ٢٥٦ هذه الآية كما يلي : «يقول : هبة وعطيّة». وما قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ١١٧ أدقّ تعبيرا وأوفى بالمقصود : قال : «أي مهورهنّ عن طيب نفس بالفريضة بذلك».
(٤) لم أجده بهذا اللفظ فيما بين يديّ من المصادر. وقريب من معناه ما ذكره السيوطيّ في الدرّ المنثور ، ج ٢ ص ١٢٠ قال : «أخرج أحمد عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لو أنّ رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يديه طعاما كانت له حلالا».