عاجزا أو أخرق أو أحمق. (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) : يعني الذي عليه الحقّ لا يحسن أن يملّ (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ) : أى وليّ الحقّ ، يعني الطالب (١) (بِالْعَدْلِ) : أى لا يزدد شيئا. وقال بعضهم : السفيه : المرأة الضعيفة ، والأحمق الذي لا يحسن أن يملّ.
قوله : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) : أى من أحراركم (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ) : ليكن (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ).
ذكروا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا تجوز شهادة ذي الظّنّة وذي الحنّة وذي الجنّة (٢). وتفسير ذي الظّنّة المتّهم ، والحنّة العداوة بين الرجلين ، والجنّة الجنون.
ذكروا عن شريح أنّه قال : لا أجيز شهادة الخصم ، ولا الشريك ، ولا دافع المغرم ، ولا شهادة الأجير لمن استأجره في تلك الضيعة بعينها.
قوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) : أى أن تنسى إحداهما الشهادة (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) : أى تذكّر التي حفظت شهادتها الأخرى. وهي تقرأ بالتخفيف والتثقيل ؛ فمن قرأها بالتخفيف فهي قد ذكر لها فذكرت. وقد يكون أن يذكر الإنسان صاحبه فلا يذكر ، ولكن هذه قد ذكرت ، فهي في كلا الوجهين قد ذكرت.
قوله : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) : قال بعضهم : كان الرجل يأتي الحواء (٣) العظيم يطلب من يشهد له فلا يتبعه منهم رجل واحد ، فنهى الله عن ذلك. وقال الحسن : إذا وجد
__________________
(١) كذا في المخطوطات ق وع ود وز ، «أي وليّ الحقّ ، يعني الطالب». وهو تفسير ابن عبّاس والفرّاء ، ورجّح الطبريّ أيضا هذا التأويل. وهنالك من أرجع الضمير في قوله تعالى : (وَلِيُّهُ) إلى الذي عليه الحقّ ، أى المطلوب ، بمعنى : إذا عجز عن الإملاء أملى عنه وليّه. ويبدو أنّ لهذا التأويل الأخير وجها صحيحا أيضا ، لأنّ الحقوق تثبت بالإقرار أكثر ؛ فالذي عليه الحقّ أو وليّه إذا أمليا شيئا ثبت عليهما ، أمّا الذي له الحقّ ، أى صاحب الدّين فيستطيع أن يملي ما أراد إذا لم يكن أمينا. وهذا القول الأخير هو ما اختاره الضحّاك وابن زيد والزجّاج. انظر تفسير الطبري ، ج ٦ ص ٥٧ ـ ٦٠. وقال القرطبيّ في تفسيره ج ٣ ص ٣٨٨ : «وقيل : [الضمير] عائد على الذي عليه الحقّ ، وهو الصحيح ، وما روي عن ابن عبّاس لا يصحّ. وكيف تشهد البيّنة على شيء وتدخل مالا في ذمّة السفيه بإملاء الذي له الدين؟».
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ، وأخرجه البيهقيّ في السنن عن أبي هريرة.
(٣) الحواء : بيوت متدانية مجتمعة من الناس على ماء.