آنفا حتّى دخل ، فلمّا سمع الغريم خرج ، فقال له أبي : ما حملك على ما صنعت؟ قال : العسرة. قال : آلله ، فقال : اللهمّ إنّي أشهدك وأشهد ملائكتك أنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من أنظر معسرا أو تصدّق عليه ... وأشهدك يا ربّ أنّي تصدّقت عليه.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من أنظر معسرا أو وضع عنه أظلّه الله يوم القيامة في ظلّه (١).
قوله : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٨٠) : أى إن علمتم أنّ الصدقة خير لكم من أخذها.
قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) : قال الحسن : خير لكم في يوم ترجعون فيه إلى الله : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٨١) : أى لا ينقصون ، يعني المؤمنين ، يوفّون حسناتهم يوم القيامة. قال الحسن : هي موعظة يعظ بها المسلمين.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ) : بين البائع والمشتري ، يعدل بينهما في كتابه ، لا يزيد على المطلوب ولا ينقص من حقّ الطالب.
(وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ) : الكتابة وترك غيره فلم يعلّمه. (فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) : يعني المطلوب. وقال الحسن : فإن كان الطالب يقدر على من يكتب فهو واسع. قال : (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) : أى لا ينقص من حقّ الطالب.
ثمّ قال : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً) : يعني جاهلا بالأموال (٢) أو
__________________
(١) أخرج هذا الحديث أحمد ومسلم وابن ماجه عن أبي اليسر كعب بن عمير. وأخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق ، باب حديث جابر الطويل وقصّة أبي اليسر (٣٠٠٦). والقصّة تشبه القصّة السالفة المنسوبة إلى شدّاد بن أوس فهل القصّتان متشابهتان أم أنّهما واحدة. وهنالك قصّة أخرى تشبههما منسوبة إلى أبي قتادة الحارث بن ربعيّ الأنصاريّ. ولا يبعد أن تكون هذه القصص المتشابهة جرت للصحابة الثلاثة أبي يعلى شدّاد بن أوس ، وأبي اليسر كعب بن عمرو ، وأبي قتادة الحارث بن ربعي ، وأنّهم سمعوا جميعا هذا الحديث من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو رووه ، والله أعلم.
(٢) في مخطوطتي ق وع : «جاهلا بالإملاء» ، ويبدو فيه تصحيف صوابه ما جاء في د : «جاهلا بالأموال» ، لأنّ السفيه هو الذي لا يحسن التصرّف في المال.