قوله : (لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٨٨) : أنّه ليس لكم بحقّ.
قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) : أى : وللحجّ ، كقوله : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ) [البقرة : ٢٣٣] أى : لأولادكم.
ذكر بعض المفسّرين قال : ذكر لنا أنّهم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لم خلقت هذه الأهلّة؟ فأنزل الله هذه الآية : (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) : أى : لصومهم ولإفطارهم ولحجّهم ، ولعدّة نسائهم ولمحلّ دينهم (١).
قوله : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ) : ولا تعصوه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٨٩).
ذكر البراء بن عازب قال : كان المشركون إذا أحرموا لم يدخل أحدهم بيتا من بابه إلّا أن يتسوّر من الحائط ، فأنزل الله هذه الآية.
وقال الحسن : كانوا في الجاهليّة إذا أراد أحدهم سفرا فلم يتمّ له سفره ، لم يأت بيته من الباب الذي خرج منه ، ولكن يغلق الباب ، فيأتي الباب من قبل ظهره. وكانوا يتقرّبون بذلك ، لأنّهم زعموا أنّ ذلك في دينهم ، وهو ممّا أدخل عليهم الشيطان. فأنزل الله : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وقال الكلبيّ : كانوا في الإحرام لا يدخلون البيوت من أبوابها ، إلّا أن ينقب أحدهم نقبا في ظهر بيته فيدخل منه أو يخرج ، أو يتّخذ سلّما فيصعد فيه وينحدر ، إلّا أن يكون من الحمس. والحمس : قريش وكنانة وخزاعة وبنو عامر بن صعصعة الذين لا يلتقطون الإقط ولا يسلأون السمن (٢) ولا يفتلون الوبر ، ولا الشعر في أيّام حجّهم ، حرم عليهم عندهم في هذا ما أحلّ للناس ، وأحلّ لهم ما حرم على الناس في أشياء كانوا يفعلونها ، فنزلت هذه الآية.
__________________
(١) محلّ الدّين : أجله ، وهو إمّا مصدر وإمّا اسم زمان ، وهي نفس الكلمة التي وردت في قوله تعالى : (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [البقرة : ١٩٦] وهي هنا اسم مكان. «وكانت العرب تقول إذا نظرت إلى الهلال : لا مرحبا بمحلّ الدّين ، مقرّب الأجل». وانظر اللسان : (حلل).
(٢) سلأ السمن يسلؤه سلأ : أذاب زبده وطبخه وعالجه ، وهو سلاء.