يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفسي بيده لو سمعت رجلا منكم بعد مجلسي هذا يعيدها لأضربنّ عنقه. فقالوا : أولستم تقولونها؟ فقال الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا). فقال المسلمون : الآن فمن سمعتموه من اليهود يقول لنبيّكم : راعنا فأوجعوه ضربا. فانتهت عنها اليهود.
وقال بعضهم : (انْظُرْنا) انظر إلينا ، (وَاسْمَعُوا) ما يقول لكم (١).
قوله : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ) : أى : ولا من المشركين (أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) : أى : الوحى الذي يأتي رسول الله ، لا يسرّهم ذلك ، حسدا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وللمؤمنين. (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) : قال الحسن : يعني النبوّة. (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (١٠٥).
قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [قال بعضهم] (٢) : ينسها رسوله فيرفعها. يقول : قد نسّي رسول الله بعض ما كان نزل من القرآن فلم يثبت في القرآن. وقد نسخ بعض ما أثبت في القرآن. قال : ألا تراه يقول : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [٦ ـ ٧] أن ينسى منه. وبعضهم يقرأها : «ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها أى : نؤخّرها فلم تثبت في القرآن. وبعضهم يقرأها : «أَوْ نُنْسِها» فنتركها ولا ننسخها.
وتفسير مجاهد : (ما نَنْسَخْ) أى : ما نمح من آية أو نبدّل حكمها نأت بخير منها أو مثلها.
قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) (٣) يقول : هذه الآية التي نسخت (٤) خير في زمانها هذا لأهلها ، وتلك الأولى المنسوخة خير لأهلها في ذلك الزمان ، وهي مثلها بعد في حقّها وصدقها.
قوله : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أى ذلك لتعلم أنّ الله له ملك السماوات والأرض ، يحكم في خلقه بما يريد. كقوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى
__________________
(١) جاء في تفسير مجاهد ص ٨٥ : «(وَقُولُوا انْظُرْنا) ، يقول : قولوا افهمنا يا محمّد ، بيّن لنا».
(٢) زيادة يقتضيها السياق. والقول لقتادة كما ورد في ز ، ورقة ٢٦.
(٣) جاء في تفسير مجاهد ص ٨٥ : «(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) أى : نثبت خطّها ، ونبدّل حكمها».
(٤) كذا في ق وع ود ، وفي ز : «هذه الآية الناسخة».