قوله : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٦٧) إلى قوله : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٧٣) [البقرة : ٧٣] أى لكى تعقلوا.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : قتل رجل ابن عمّه فألقاه بين قريتين ، فأعطوه ديتين ، فأبى أن يأخذ. فأتوا موسى ، فأوحى الله إليه أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها فشدّدوا فشدّد الله عليهم ، ولو أنّهم اعترضوا البقر أوّل ما أمروا لأجزاهم ذلك ، حتّى أمروا ببقرة (لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها) ، صفراء ، لا فارض ولا بكر ، عوان. الفارض الكبيرة ، والبكر الصغيرة ، والعوان وسط بين ذلك. لا تثير الأرض ولا يسنى عليها (١). فطلبوها أربعين سنة فوجدوها عند رجل بارّ بوالديه ، والبقرة عليها باب مغلق ، فبلغ ثمنها ملء مسكها (٢) دنانير. فذبحت ، فضرب المقتول ببعضها فقام ، فأخبر بقاتله ، ثمّ مات.
وقال بعضهم : هو قتيل كان في بني إسرائيل من عظمائهم ، فتفاقم به الشرّ فأوحى الله إلى موسى أن اذبحوا بقرة واضربوه ببعضها فإنّه يحيى ويخبر بقاتله. ففعلوا فأحياه الله ، فدلّ على قاتله ثمّ مات. وذكر لنا أنّهم ضربوه بفخذها ، وأنّ وليّه الذي كان يطلب دمه هو الذي قتله من أجل ميراث كان بينهم ، فلم يورث بعده قاتل.
وقال الكلبيّ : عمد رجلان أخوان من بني إسرائيل إلى ابن عمّهما ، أخي أبيهما ، فقتلاه ، وكان عقيما ، فأرادا أن يرثاه. وكانت لهما ابنة عمّ شابّة مثلا في بني إسرائيل ، فخافا أن ينكحها ابن عمّهما ، فلذلك قتلاه.
قوله : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) : ذكروا عن الحسن قال : الفارض الهرمة ، والبكر الصغيرة ، والعوان
__________________
ـ لما مضى من الذنوب ، ولما يعمل بعدها ، ليخافوا أن يعملوا بما عمل الذين مسخوا فيمسخوا».
(١) في ق وع : «لا يسقى عليها». وفي د : «لا يسنى عليها» ، وكلاهما صحيح فصيح. ومنه السواني ، وهي جمع سانية للناقة أو البقرة التي يستقى عليها. انظر اللسان : (سنا).
(٢) المسك ، بفتح الميم وإسكان السين هو الجلد ، ويجمع على مسوك.